الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا

                                                                                                                                                                                                الولاية : بالفتح النصرة والتولي، وبالكسر: السلطان والملك، وقد قرئ بهما، والمعنى: هنالك، أي: في ذلك المقام وتلك الحال النصرة لله وحده، لا يملكها غيره، ولا يستطيعها أحد سواه، تقريرا لقوله: ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله [الكهف: 43]، أو: هنالك السلطان والملك لله لا يغلب ولا يمتنع منه، أو في مثل تلك الحال الشديدة يتولى الله ويؤمن به كل مضطر، يعني" أن قوله: ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا : كلمة ألجئ إليها فقالها جزعا مما دهاه من شؤم كفره، ولولا ذلك لم يقلها، ويجوز أن يكون المعنى: هنالك الولاية لله ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم، ويشفي صدورهم من أعدائهم، يعني: أنه نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن، وصدق قوله: فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء ، ويعضده قوله: خير ثوابا وخير عقبا أي: لأوليائه، وقيل: "هنالك": إشارة إلى الآخرة، أي: في تلك الدار الولاية لله، كقوله: لمن الملك اليوم ، وقرئ : "الحق": بالرفع والجر صفة للولاية والله، وقرأ عمرو بن عبيد بالنصب على التأكيد، كقولك: هذا عبد الله الحق لا الباطل، وهي قراءة حسنة فصيحة، وكان عمرو بن عبيد من أفصح الناس وأنصحهم، وقرئ : "عقبا": بضم القاف [ ص: 590 ] وسكونها، وعقبى على فعلى، وكلها بمعنى العاقبة.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية