الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد ، ثنا الحسين ، ثنا أيوب الوزان ، ثنا الوليد بن الوليد الدمشقي ، [ ص: 344 ] حدثني محمد بن المهاجر : أن رجلا من أهل البصرة رأى في منامه كأن قائلا يقول له : حج من عامك هذا ، فقال : والله ما لي من مال من أين الحج ؟ قال : احتفر في موضع كذا وكذا من دارك فإن فيه درعا فبعه ثم حج ، فلما أصبحت احتفرت فاستخرجت درعا ، فبعتها فحججت فقضيت مناسكي ، وجئت إلى البيت لأودعه ، فبينا أنا كذلك إذ غشيتني نعسة فإذا النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر يمشي بينهما ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " إيت عمر بن عبد العزيز فأقرئه مني السلام ، وقل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك : إن اسمك عندنا عمر المهدي ، وأبو اليتامى ، فاشدد يدك على العريف والماكس ، وإياك أن تحيد عن طريقة هذا وطريقة هذا ، فيحاد بك عني " ، فانتبه وهو يبكي ويقول : رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني ، فلو كانت رسالته في الظلمات لم أدعها أو أبلغها أو أموت ، فأقبل إلى الشام إلى عمر ، وكان بدير سمعان ، فأتى حاجبه وقال : استأذن لي على عمر وقل له : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستضعف الحاجب عقله ، ثم أتاه في اليوم الثاني ، فقال له : من أنت يا عبد الله ؟ قال : أنا رسول رسول الله صلى لله عليه وسلم ، فقال الحاجب : هذا موله ليس له عقل ، ثم استأذنه اليوم الثالث ، فقال : يا عبد الله من أنت وما تريد ؟ ثم دخل على عمر فقال : يا أمير المؤمنين هذا إنسان قد ولع بالاستئذان إليك ، فإذا قلت : من أنت ؟ قال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن له فدخل على عمر ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بقصة رؤياه ، وما رأى في منامه ، وقال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر ، وأخبره بالذي أمره به ، وقال : " إياك أن تحيد عن طريقة هذا وهذا فيحاد بك غدا عنا " . فقال عمر : مروا له بكذا وكذا ، قال : ما أقبل لرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولو أعطيتني جميع ما تملك ، ثم خرج عنه ، فقال عمرو بن مهاجر - وأنا إذ ذاك أنام على باب أمير المؤمنين مخافة أن يحدث من أمر الناس أمر فأصلحه ، وإلا أنبهته - فانتبهت ليلة لبكائه ونشيج قد غلب عليه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذا الذي قد دهاك ؟ ما هذا الذي بلغ بك ؟ قال : [ ص: 345 ] إن الله تعالى قد صدق رؤيا البصري ، جاءني النبي صلى الله عليه وسلم في منامي بين أبي بكر وعمر ، فقال : " يا عمر بن عبد العزيز إن اسمك عندنا عمر المهدي ، وأبو اليتامى ، فاشدد يدك على العريف والماكس ، وإياك إن تحيد عن طريقة هذا وطريقة هذا فيحاد بك " ، فجعل يبكي بنشيج وهو يقول : أنى لي بطريقة هذا وطريقة هذا ؟ .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أبو عروبة الحراني ، ثنا سليمان بن سيف ، ثنا أبو عاصم ، عن عثمان بن خالد بن دينار ، عن أبيه ، قال : قال عمر لميمون بن مهران : لا تدخل على هؤلاء الأمراء وإن قلت : آمرهم بالمعروف ، ولا تخلون بامرأة ، وإن قلت : أقرئها القرآن ، ولا تصلن عاقا فإنه لن يصلك وقد قطع أباه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية