الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 119 ] ذكر البيان بأن التيمم بالكحل والزرنيخ وما أشبههما دون الصعيد الذي هو التراب وحده غير جائز

                                                                                                                          1301 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يحيى القطان ، حدثنا عوف ، حدثنا أبو رجاء ، قال : [ ص: 120 ] حدثنا عمران بن حصين ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وإنا سرنا ليلة ، حتى إذا كان من آخر الليل وقعنا تلك الوقعة - ولا وقعة أحلى عند المسافر منها - فما أيقظنا إلا حر الشمس ، قال : وكان أول من استيقظ فلان ، ثم فلان ، ثم فلان ، - وكان يسميهم أبو رجاء ونسيهم عوف - ثم عمر بن الخطاب الرابع ، قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو يستيقظ ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه .

                                                                                                                          قال : فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس ، قال : وكان رجلا أجوف جليدا ، قال : فكبر ورفع صوته ، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شكوا الذي أصابهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 121 ] لا ضير - أو لا يضير - ارتحلوا ، فسار غير بعيد ، ثم نزل فدعا بماء فتوضأ ، ونودي بالصلاة ، فصلى بالناس ، فلما انفتل من صلاته ، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم ، قال : ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ قال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك بالصعيد فإنه يكفيك ، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاشتكى إليه الناس العطش ، قال : فنزل فدعا فلانا - وكان يسميه أبو رجاء ونسيه عوف - ودعا عليا ، فقال : اذهبا فابغيا لنا الماء ، فلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها ، فقالا لها : أين الماء ؟ قالت : عهدي بالماء أمس هذه الساعة ، ونفرنا خلوف ، قال : فقالا لها : انطلقي إذا ، قالت : إلى أين ؟ قالا : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : هذا الذي يقال له الصابي ؟ قالا : هو الذي تعنين ، فانطلقي إذا ، فجاءا [ ص: 122 ] بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحدثاه الحديث ، قال : فاستنزلوها عن بعيرها ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء ، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين ، أو السطيحتين ، وأوكأ أفواههما وأطلق العزالي ، ونودي في الناس ، أن استقوا واسقوا ، قال : فسقى من شاء واستقى من شاء ، وكان آخر ذلك أن أعطي الذي أصابته الجنابة إناء من ماء ، فقال : اذهب فأفرغه عليك ، قال : وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها ، قال : وايم الله لقد أقلع عنها حين أقلع وإنه ليخيل لنا أنها أشد ملئا منها حين ابتدئ فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجمعوا لها طعاما ، قال : فجمع لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة ، حتى جمعوا لها طعاما كثيرا ، وجعلوه في ثوب ، وحملوها على بعيرها ، ووضعوا الثوب بين يديها ، قال : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلمين أنا والله ما رزئنا من مائك شيئا ، ولكن الله هو سقانا .

                                                                                                                          قال : فأتت أهلها وقد احتبست عليهم ، فقالوا : ما حبسك يا فلانة ؟ قالت : العجب ، لقيني رجلان ، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له : الصابي ، ففعل بي كذا وكذا ، الذي قد كان ، فوالله إنه لأسحر من بين هذه إلى هذه ، أو إنه لرسول الله صلى الله عليه [ ص: 123 ] وسلم حقا ، قال : فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي فيه ، فقالت لقومها : والله هؤلاء القوم يدعونكم عمدا ، فهل لكم في الإسلام ؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام
                                                                                                                          .

                                                                                                                          [ ص: 124 ]

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية