الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون

"آية" معناه: علامة على الحشر وبعث الأجساد، والضمير في "لهم" يراد به كفار قريش، وقرأ نافع ، وشيبة ، وأبو جعفر : "الميتة" بكسر الياء وشدها، وقرأ أبو عمرو ، وعاصم بسكون الياء خفيفة، وإحياؤها بالمطر.

وقرأ الجمهور: "ثمره" بفتح الثاء والميم، وقرأ طلحة ، وابن وثاب ، وحمزة ، والكسائي بضمهما، وقرأ الأعمش بضم الثاء وسكون الميم، والضمير فيه قالت فرقة: هو عائد على الماء الذي يتضمنه قوله تعالى: من العيون ; لأن التقدير: "ما" وقالت فرقة: هو عائد على جميع ما تقدم مجملا، كأنه قال: "من ثمر ما ذكرنا"، وقال أبو عبيدة : هو من باب أن يذكر الإنسان شيئين أو ثلاثة ثم يعيد الضمير على واحد ويكني عنه، كما قال الأزرق بن طرفة بن العمرد الفراصي الباهلي:

[ ص: 248 ]

رماني بذنب كنت منه ووالدي ... بريئا، ومن أجل الطوي رماني



وهذا الوجه في الآية ضعيف.

و"ما" في قوله تعالى: وما عملته أيديهم ، قال الطبري : هي اسم معطوف على "الثمر"، أي: ويقع الأكل من الثمر ومما عملته الأيدي بالغرس والزراعة ونحوه. وقالت فرقة: هي مصدرية، وقيل: هي نافية، والتقدير: إنهم يأكلون من ثمره وهو شيء لم تعمله أيديهم، بل هي نعمة من الله تبارك وتعالى عليهم. وقرأ جمهور القراء: "عملته" بالهاء الضمير، وقرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم - في رواية أبي بكر وطلحة ، وعيسى : "عملت" بغير ضمير.

ثم نزه تبارك وتعالى نفسه تنزيها مطلقا في كل ما يلحد به ملحد، أو يشرك مشرك. و"الأزواج": الأنواع من كل شيء، وقوله: ومما لا يعلمون نظير قوله: ويخلق ما لا تعلمون .

التالي السابق


الخدمات العلمية