الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قالوا إنا تطيرنا بكم فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: تشاءمنا بكم ، وعساهم قالوا ذلك لسوء أصابهم ، قاله يحيى بن سلام . قيل: إنه حبس المطر عن أنطاكية في أيامهم.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 12 ] الثاني: معناه: إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم ، قاله قتادة : تحذيرا من الرجوع عن دينهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: استوحشنا منكم فيما دعوتمونا إليه من دينكم.

                                                                                                                                                                                                                                        لئن لم تنتهوا لنرجمنكم فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: لنرجمنكم بالحجارة ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لنقتلنكم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لنشتمنكم ونؤذيكم ، قاله النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        وليمسنكم منا عذاب أليم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه القتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: التعذيب المؤلم قبل القتل.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن أعمالكم معكم أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الشؤم معكم إن أقمتم على الكفر إذا ذكرتم ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: معناه أن كل من ذكركم بالله تطيرتم به ، حكاه بعض المتأخرين.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أن عملكم ورزقكم معكم ، حكاه ابن حسام المالكي .

                                                                                                                                                                                                                                        بل أنتم قوم مسرفون فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: في تطيركم ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: مسرفون في كفركم ، قاله يحيى بن سلام . وقال ابن بحر : السرف هاهنا الفساد ومعناه بل أنتم قوم مفسدون ، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        إن امرأ سرف الفؤاد يرى عسلا بماء غمامة شتمي

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل: إن شمعون من بينهم أحيا بنت ملك أنطاكية من قبرها ، فلم يؤمن أحد منهم غير حبيب النجار فإنه ترك تجارته حين سمع بهم وجاءهم مسرعا فآمن ، وقتلوا جميعا وحبيب معهم ، وألقوا في بئر. قال مقاتل: هم أصحاب الرس: ولما عرج بروح حبيب إلى الجنة تمنى فقال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين [ ص: 13 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية