الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : وأما ربا النسيئة فكل شيئين ليس أحدهما ثمنا علة ربا الفضل فيهما واحدة كالمكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون لا يجوز النساء فيهما ، وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد ، وإن باع مكيلا بموزون جاز التفرق قبل القبض ، وفي النساء روايتان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وأما ربا النسيئة ) فقال : النساء بالمد هو التأخير ، يقال : نسأت الشيء ، وأنسأته أخرته ، ثم أشار إلى معناه الخاص هنا ، فقال : ( فكل شيئين ) أي : جنسين ( ليس أحدهما ثمنا ) يحترز به عما إذا كان أحد العوضين من الأثمان [ ص: 148 ] والآخر من غيرهما ، فإنه يجوز النساء بينهما بغير خلاف ؛ لأن الشارع أرخص في السلم ، والأصل في رأس ماله النقدان ، فلو حرم النساء فيه لانسد باب السلم في الموزونات غالبا إلا صرف فلوس نافقة بنقد فيشترط فيه الحلول ، والقبض . ونقل ابن منصور : لا ، اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين . قال في " الرعاية " : في جواز السلم فيها بنقد مقبوض وجهان ( علة ربا الفضل فيهما واحدة كالمكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون ) هذا على الصحيح من المذهب ومن جعل العلة الثمنية والطعم ، فيمثل بالطعم ، ولم يحتج إلى قوله : ليس أحدهما ثمنا ؛ لأن الثمنية لا تتعدى إلى غير النقدين ومن جعلها الوزن والطعم ، أو هو والكيل ، فيمثل بالتمر ونحوه ( لا يجوز النساء فيهما ) بغير خلاف نعلمه . قاله في " الشرح " لقوله عليه السلام : في حديث أبي سعيد ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز ولقوله عليه السلام : البر بالبر ربا إلا هاء وهاء إلى آخره ومعناها على اختلاف لغاتها خذ وهات في الحال كـ " يدا بيد " ( وإن تفرقا قبل التقابض بطل العقد ) ، نص عليه لقوله عليه السلام : إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد . والمراد به القبض ، ولأنهما مالان من أموال الربا علتهما متفقة فحرم التفرق قبل القبض كالصرف ( وإن باع مكيلا ) كالبر ( بموزون ) كاللحم ( جاز التفرق قبل القبض ) رواية واحدة . قاله أبو الخطاب ، لأن علتهما مختلفة ، فلم يشترط القبض قبل التفرق كالثمن بالثمن وظاهر كلام الخرقي وجوب التقابض ، وصرح به ابن عبدوس على رواية منع النساء ، وهو ظاهر حديث عبادة ( وفي [ ص: 149 ] النساء روايتان ) ، وكذا في " الفروع " أحدهما : لا يجوز ، اختاره الخرقي وصاحب " الوجيز " ؛ لأنهما من أموال الربا ليس أحدهما نقدا فحرم النساء فيهما كالمكيل بمثله ، والثانية : يجوز قدمه في " المحرر " ؛ لأنهما لم يجتمعا في أحد وصفي علة ربا الفضل أشبه الثياب بالحيوان ، وذكرهما جماعة فيما إذا اختلفا في العلة ، أو كان أحدهما غير ربوي ، قال في " الشرح " : وعند من يعلل بالطعم لا يجيزه هنا وجها واحدا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية