الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة قرأ ابن كثير ، ونافع ، والكسائي بفتح السين ، والباقون بكسرها ، واختلف أهل اللغة في الفتح والكسر ، على وجهين: أحدهما: أنهما لغتان تستعمل كل واحدة منهما في موضع الأخرى. والثاني: معناهما مختلف ، والفرق بينهما أن السلم بالكسر الإسلام ، والسلم بالفتح المسالمة ، من قوله تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها [الأنفال: 61] وفي المراد بالدخول في السلم ، تأويلان: أحدهما: الدخول في الإسلام ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك. والثاني: معناه ادخلوا في الطاعة ، وهو قول الربيع ، وقتادة . وفي قوله: كافة تأويلان: أحدهما: عائد إلى الذين آمنوا ، أن يدخلوا جميعا في السلم. والثاني: عائد إلى السلم أن يدخلوا في جميعه. ولا تتبعوا خطوات الشيطان يعني آثاره. [ ص: 268 ]

                                                                                                                                                                                                                                        إنه لكم عدو مبين فيه تأويلان: أحدهما: مبين لنفسه. والآخر: مبين بعدوانه. واختلفوا فيمن أبان به عدوانه على قولين: أحدهما: بامتناعه من السجود لآدم. والثاني: بقوله: لأحتنكن ذريته إلا قليلا [الإسراء: 62] . واختلفوا فيمن أمر بالدخول في السلم كافة ، على ثلاثة أقاويل: أحدها: أن المأمور بها المسلمون ، والدخول في السلم العمل بشرائع الإسلام كلها ، وهو قول مجاهد ، وقتادة . والثاني: أنها نزلت في أهل الكتاب ، آمنوا بمن سلف من الأنبياء ، فأمروا بالدخول في الإسلام ، وهو قول ابن عباس ، والضحاك. والثالث: أنها نزلت في ثعلبة ، وعبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وأسد ، وأسيد ابني كعب ، وسعيد بن عمرو ، وقيس بن زيد ، كلهم من يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم السبت كنا نعظمه ونسبت فيه ، وإن التوراة كتاب الله تعالى ، فدعنا فلنصم نهارنا بالليل ، فنزلت هذه الآية ، وهو قول عكرمة. قوله تعالى: فإن زللتم فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه عصيتم. والثاني: معناه كفرتم. والثالث: إن ضللتم وهذا قول السدي. من بعد ما جاءتكم البينات فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنها حجج الله ودلائله. [ ص: 269 ]

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: محمد ، وهو قول السدي. والثالث: القرآن ، وهو قول ابن جريج. والرابع: الإسلام. فاعلموا أن الله عزيز حكيم يعني عزيز في نفسه ، حكيم في فعله.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية