(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=122nindex.php?page=treesubj&link=28973يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ) : كرر نداء
بني إسرائيل هنا ، وذكرهم بنعمه على سبيل التوكيد ، إذ أعقب ذلك النداء ذكر نداء ثان يلي ذكر الطائفتين متبعي الهدى والكافرين المكذبين بالآيات . وهذا النداء أعقب ذكر تلك الطائفتين من المؤمنين والكافرين .
[ ص: 371 ] وكان ما بين النداءين - قصص
بني إسرائيل ، وما أنعم الله به عليهم ، وما صدر منهم ، من أفعالهم التي لا تليق بمن أنعم الله عليه ، من المخالفات والكذب والتعنتات ، وما جوزوا به في الدنيا على ذلك ، وما أعد لهم في الآخرة - محشوا بين التذكيرين ومجعولا بين الوعظين والتخويفين ليوم القيامة . ونظير ذلك في الكلام أن تأمر شخصا بشيء على جهة الإجمال ، ثم تفصل له ذلك الشيء إلى أشياء كثيرة عديدة ، وأنت تسردها له سردا ، وكل واحدة منها هي مندرجة تحت ذلك الأمر السابق . ويطول بك الكلام حتى تكاد تتناسى ما سبق من ذلك الأمر ، فتعيده ثانية ، لتتذكر ذلك الأمر ، وتصير تلك التفصيلات محفوفة بالأمرين المذكورين بهما .
ولم تختلف هذه الآية مع تلك السابقة إلا في قوله هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون ) وقال هنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون ) . وقد ذكرنا هناك ما ناسب تقديم الشفاعة هناك على العدل ، وتأخيرها هنا عنه ، ونسبة القبول هناك للشفاعة ، والنفع هنا لها ، فيطالع هناك .
وقد تضمنت هذه الآيات الشريفة الإخبار عن مجاوزة الحد في الظلم ممن عطل بيوت الله من الذكر وسعى في خرابها ، مع أنها من حيث هي منسوبة إلى الله ، وهي محال ذكره وإيواء عباده الصالحين ، كان ينبغي أن لا يدخلوها إلا وهم وجلون خائفون ، متذكرون لمن بنيت ، ولما يذكر فيها . ثم أخبر أن لأولئك الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة . ثم ذكر أن له تعالى المشرق والمغرب ، فيندرج في ذلك المساجد ، وأي جهة قصدتموها فالله تعالى حاويها ومالكها ، فليس مختصا بحيز ولا مكان . وختم هذه الجملة بالوسع المنافي لوسع المقادير ، وبالعلم الذي هو دليل الإحاطة .
ثم أخبر عنهم بأفظع مقالة ، وهي نسبة الولد إلى الله تعالى ، ونزه ذاته المقدسة عن ذلك ، وأخبر أن جميع من في السماوات والأرض ملك له ، خاضعون طائعون . ثم ذكر بداعة السماوات والأرض ، وأنها مخلوقة على غير مثال ، فكما أنه لا مثال لهما ، فكذلك الفاعل لهما لا مثال له . ففي ذلك إشارة إلى أنه يمتنع الولد ، إذ لو كان له ولد لكان من جنسه ، والبارئ لا شيء يشبهه ، فلا ولد له ، ثم ذكر أنه متى تعلقت إرادته بما يريد أن يحدثه ، فلا تأخر له ، وفيه إشارة أيضا إلى نفي الولد ؛ لأنه لا يكون إلا عن توالد ، ويقتضي إلى تعاقب أزمان ، تعالى الله عن ذلك ثم ذكر نوعا من مقالاتهم التي تعنتوا بها أنبياء الله ، من طلب كلامه ومشافهته إياهم ، أو نزول آية . وقد نزلت آيات كثيرة ، فلم يصغوا إليها ، وأن هذه المقالة اقتفوا بها آثار من تقدمهم ، وأن أهواءهم متماثلة في تعنت الأنبياء ، وأنه تعالى قد بين الآيات وأوضحها ، لكن لمن له فكر فهو يوقن بصحتها ويؤمن بها .
ثم ذكر تعالى أنه أرسله بشيرا لمن آمن بالنعيم في الآخرة والظفر في الدنيا ، ونذيرا لمن كفر بعكس ذلك ، وأن لا تهتم بمن ختم له بالشقاوة ، فكان من أهل النار ، ولا تغتم بعدم إيمانه ، فقد أبلغت وأعذرت . ثم ذكر ما عليه
اليهود والنصارى من شدة تعاميهم عن الحق ، بأنهم لا يرضون عنك حتى تخالف ما جاءك من الهدى الذي هو هدى الله ، إلى ما هم عليه من ملة الكفر واتباع الأهواء . ثم أخبر أن متبع أهوائهم بعد وضوح ما وافاه من الدين والإسلام لا أحد ينصره ولا يمنعه من عذاب الله . وأن الذين آتاهم الكتاب واصطفاهم له يتبعون الكتاب ، ويتتبعون معانيه ، فهم مصدقون بما تضمنه مما غاب عنهم علمه ، ولم يحصل لهم استفادته إلا منه ، من خبر ماض أو آت ، ووعد ووعيد ، وثواب وعقاب ، وأن من كفر به حق عليه الخسران .
ثم ختم هذه الآيات بأمر
بني إسرائيل بذكر نعمه السابقة ، وتفضيلهم على عالمي زمانهم ، وكان ثالث نداء نودي به
بنو إسرائيل ، بالإضافة إلى أبيهم الأعلى ، وتشريفهم بولادتهم منه . ثم أعرض في معظم القرآن عن ندائهم بهذا الاسم ، وطمس
[ ص: 372 ] ما كان لهم من نور هذا الوسم ، والثلاث هي مبدأ الكثرة ، وقد اهتم بك من نبهك وناداك مرة ومرة ومرة :
لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=122nindex.php?page=treesubj&link=28973يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ) : كَرَّرَ نِدَاءَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ هُنَا ، وَذَكَّرَهُمْ بِنِعَمِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ ، إِذْ أَعْقَبَ ذَلِكَ النِّدَاءَ ذِكْرَ نِدَاءٍ ثَانٍ يَلِي ذِكْرَ الطَّائِفَتَيْنِ مُتَّبِعِي الْهُدَى وَالْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْآيَاتِ . وَهَذَا النِّدَاءُ أَعْقَبَ ذِكْرَ تِلْكَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ .
[ ص: 371 ] وَكَانَ مَا بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ - قَصَصُ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ ، وَمَا صَدَرَ مِنْهُمْ ، مِنْ أَفْعَالِهِمُ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، مِنَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْكَذِبِ وَالتَّعَنُّتَاتِ ، وَمَا جُوزُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا عَلَى ذَلِكَ ، وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ - مَحْشُوًّا بَيْنَ التَّذْكِيرَيْنِ وَمَجْعُولًا بَيْنَ الْوَعْظَيْنِ وَالتَّخْوِيفَيْنِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ أَنْ تَأْمُرَ شَخْصًا بِشَيْءٍ عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ ، ثُمَّ تُفَصِّلَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَى أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ عَدِيدَةٍ ، وَأَنْتَ تَسْرُدُهَا لَهُ سَرْدًا ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا هِيَ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ ذَلِكَ الْأَمْرِ السَّابِقِ . وَيَطُولُ بِكَ الْكَلَامُ حَتَّى تَكَادَ تَتَنَاسَى مَا سَبَقَ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ ، فَتُعِيدَهُ ثَانِيَةً ، لِتَتَذَكَّرَ ذَلِكَ الْأَمْرَ ، وَتَصِيرَ تِلْكَ التَّفْصِيلَاتُ مَحْفُوفَةً بِالْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِهِمَا .
وَلَمْ تَخْتَلِفْ هَذِهِ الْآيَةُ مَعَ تِلْكَ السَّابِقَةِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ) وَقَالَ هُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=123وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ) . وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا نَاسَبَ تَقْدِيمَ الشَّفَاعَةِ هُنَاكَ عَلَى الْعَدْلِ ، وَتَأْخِيرَهَا هُنَا عَنْهُ ، وَنِسْبَةَ الْقَبُولِ هُنَاكَ لِلشَّفَاعَةِ ، وَالنَّفْعَ هُنَا لَهَا ، فَيُطَالَعُ هُنَاكَ .
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الشَّرِيفَةُ الْإِخْبَارَ عَنْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ فِي الظُّلْمِ مِمَّنْ عَطَّلَ بُيُوتَ اللَّهِ مِنَ الذِّكْرِ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا ، مَعَ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى اللَّهِ ، وَهِيَ مَحَالُّ ذِكْرِهِ وَإِيوَاءِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا وَهُمْ وَجِلُونَ خَائِفُونَ ، مُتَذَكِّرُونَ لِمَنْ بُنِيَتْ ، وَلِمَا يُذْكَرُ فِيهَا . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ لِأُولَئِكَ الْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابَ الْعَظِيمَ فِي الْآخِرَةِ . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ تَعَالَى الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ ، فَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الْمَسَاجِدُ ، وَأَيُّ جِهَةٍ قَصَدْتُمُوهَا فَاللَّهُ تَعَالَى حَاوِيهَا وَمَالِكُهَا ، فَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِحَيِّزٍ وَلَا مَكَانٍ . وَخَتَمَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ بِالْوُسْعِ الْمُنَافِي لِوُسْعِ الْمَقَادِيرِ ، وَبِالْعِلْمِ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْإِحَاطَةِ .
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَفْظَعِ مَقَالَةٍ ، وَهِيَ نِسْبَةُ الْوَلَدِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَنَزَّهَ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَةَ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِلْكٌ لَهُ ، خَاضِعُونَ طَائِعُونَ . ثُمَّ ذَكَرَ بَدَاعَةَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا مِثَالَ لَهُمَا ، فَكَذَلِكَ الْفَاعِلُ لَهُمَا لَا مِثَالَ لَهُ . فَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْوَلَدَ ، إِذْ لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ ، وَالْبَارِئُ لَا شَيْءَ يُشْبِهُهُ ، فَلَا وَلَدَ لَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مَتَى تَعَلَّقَتْ إِرَادَتُهُ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يُحْدِثَهُ ، فَلَا تَأَخُّرَ لَهُ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ أَيْضًا إِلَى نَفْيِ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ تَوَالُدٍ ، وَيَقْتَضِي إِلَى تَعَاقُبِ أَزْمَانٍ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ نَوْعًا مِنْ مَقَالَاتِهِمُ الَّتِي تَعَنَّتُوا بِهَا أَنْبِيَاءَ اللَّهِ ، مِنْ طَلَبِ كَلَامِهِ وَمُشَافَهَتِهِ إِيَّاهُمْ ، أَوْ نُزُولِ آيَةٍ . وَقَدْ نَزَلَتْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ ، فَلَمْ يُصْغُوا إِلَيْهَا ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اقْتَفَوْا بِهَا آثَارَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ ، وَأَنَّ أَهْوَاءَهُمْ مُتَمَاثِلَةٌ فِي تَعَنُّتِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ الْآيَاتِ وَأَوْضَحَهَا ، لَكِنْ لِمَنْ لَهُ فِكْرٌ فَهُوَ يُوقِنُ بِصِحَّتِهَا وَيُؤْمِنُ بِهَا .
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرْسَلَهُ بَشِيرًا لِمَنْ آمَنَ بِالنَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ وَالظَّفَرِ فِي الدُّنْيَا ، وَنَذِيرًا لِمَنْ كَفَرَ بِعَكْسِ ذَلِكَ ، وَأَنْ لَا تَهْتَمَّ بِمَنْ خُتِمَ لَهُ بِالشَّقَاوَةِ ، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَلَا تَغْتَمَّ بِعَدَمِ إِيمَانِهِ ، فَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَعْذَرْتَ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا عَلَيْهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ شِدَّةِ تَعَامِيهِمْ عَنِ الْحَقِّ ، بِأَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ عَنْكَ حَتَّى تُخَالِفَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْهُدَى الَّذِي هُوَ هُدَى اللَّهِ ، إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مِلَّةِ الْكُفْرِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ . ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مُتَّبِعَ أَهْوَائِهِمْ بَعْدَ وُضُوحِ مَا وَافَاهُ مِنَ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ لَا أَحَدَ يَنْصُرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ . وَأَنَّ الَّذِينَ آتَاهُمُ الْكِتَابَ وَاصْطَفَاهُمْ لَهُ يَتَّبِعُونَ الْكِتَابَ ، وَيَتَتَبَّعُونَ مَعَانِيَهُ ، فَهُمْ مُصَدِّقُونَ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِمَّا غَابَ عَنْهُمْ عِلْمُهُ ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمُ اسْتِفَادَتُهُ إِلَّا مِنْهُ ، مِنْ خَبَرٍ مَاضٍ أَوْ آتٍ ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ ، وَثَوَابٍ وَعِقَابٍ ، وَأَنَّ مَنْ كَفَرَ بِهِ حَقَّ عَلَيْهِ الْخُسْرَانُ .
ثُمَّ خَتَمَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِأَمْرِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذِكْرِ نِعَمِهِ السَّابِقَةِ ، وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ ، وَكَانَ ثَالِثَ نِدَاءٍ نُودِيَ بِهِ
بَنُو إِسْرَائِيلَ ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَبِيهِمُ الْأَعْلَى ، وَتَشْرِيفِهِمْ بِوِلَادَتِهِمْ مِنْهُ . ثُمَّ أَعْرَضَ فِي مُعْظَمِ الْقُرْآنِ عَنْ نِدَائِهِمْ بِهَذَا الِاسْمِ ، وَطَمَسَ
[ ص: 372 ] مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ نُورِ هَذَا الْوَسْمِ ، وَالثَّلَاثُ هِيَ مَبْدَأُ الْكَثْرَةِ ، وَقَدِ اهْتَمَّ بِكَ مَنْ نَبَّهَكَ وَنَادَاكَ مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً :
لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي