الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن كلا لما [111]

                                                                                                                                                                                                                                        فيها ثماني قراءات خمس منها موافقة للسواد قرأ ابن كثير وأبو عمرو [ ص: 305 ] والكسائي بتشديد إن وتخفيف لما ، وقرأ نافع بتخفيفهما جميعا ، وقرأ أبو جعفر وشيبة وحمزة ، وهو المعروف من قراءة الأعمش بتشديدهما جميعا ، وقرأ عاصم بتخفيف إن وتشديد لما ، وقرأ الزهري بتشديد لما والتنوين فهذه خمس قراءات ، وروي عن الأعمش ( وإن كل لما ) بتخفيف إن ورفع كل وتشديد لما ، قال أبو حاتم : وفي حرف أبي ( وإن كل إلا ليوفين ربك أعمالهم ) وفي حرف ابن مسعود ( وإن كل إلا ليوفينهم ربك أعمالهم ) ، قال أبو جعفر : القراءة الأولى أبينها ينصب كلا بأن اللام للتوكيد وما صلة والخبر في ليوفينهم والتقدير وإن كلا ليوفينهم وقراءة نافع على هذا التقدير إلا أنه خفف إن وأعملها عمل الثقيلة وقد ذكر هذا الخليل وسيبويه ، وهو عندهما كما يحذف من الفعل ويعمل كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        كأن ظبية تعطو إلى ناضر السلم



                                                                                                                                                                                                                                        وأنكر الكسائي أن تخفف إن وتعمل ، وقال ما أدري على أي شيء قرأ وإن كلا ، وقال الفراء : نصب كلا بقوله لنوفينهم وهذا من كثير الغلط لا يجوز عند أحد زيدا لأضربنه والقراءة الثالثة بتشديدهما جميعا عند أكثر النحويين لحن حكي عن محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز ولا يقال إن زيدا إلا لأضربنه ولا لما لأضربنه ، وقال الكسائي : الله جل وعز أعلم بهذه القراءة ما [ ص: 306 ] أعرف لها وجها ، قال أبو جعفر : وللنحويين بعد هذا أربعة أقوال ، قال الفراء : الأصل وإن كلا لمما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن ، قال أبو إسحاق : هذا خطأ لأنه يحذف النون من من فيبقى حرف واحد ، وقال أبو عثمان المازني الأصل وإن كلا لما بتخفيف ما ثم ثقلت ، قال أبو إسحاق : هذا خطأ إنما يخفف المثقل ولا يثقل المخفف ، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الأصل ( وإن كلا لما ليوفينهم ) بالتنوين من لممته لما أي جمعته ثم بنى منه فعلى كما قرئ ثم أرسلنا رسلنا تترى بغير تنوين وتنوين ، قال أبو إسحاق : القول الذي لا يجوز عندي غيره أن إن تكون مخففة من الثقيلة وتكون بمعنى ما مثل إن كل نفس لما عليها حافظ وكذا أيضا تشدد على أصلها وتكون بمعنى ما ولما بمعنى إلا حكى ذلك الخليل وسيبويه ، قال أبو جعفر : والقراءات الثلاث المخالفات للسواد تكون فيها إن بمعنى ما لا غير وتكون على التفسير لأنه لا يجوز أن يقرأ بما خالف السواد إلا على هذه الجهة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية