الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون

                                                                                                                                                                                                                                      فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا إخبار عن عاجل أمرهم وآجله من الضحك القليل والبكاء الطويل المؤدي إليه أعمالهم السيئة التي من جملتها ما ذكر من الفرح، والفاء لسببية ما سبق للإخبار بما ذكر من الضحك والبكاء لا لنفسهما، إذ لا يتصور السببية في الأول أصلا، وقليلا وكثيرا منصوبان على المصدرية، [ ص: 89 ] أو الظرفية، أي: ضحكا قليلا وبكاء كثيرا، أو زمانا قليلا وزمانا كثيرا، وإخراجه في صورة الأمر للدلالة على تحتم وقوع المخبر به، فإن أمر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عنه المأمور به، خلا أن المقصود إفادته في الأول هو وصف القلة فقط، وفي الثاني وصف الكثرة مع الموصوف.

                                                                                                                                                                                                                                      يروى أن أهل النفاق يبكون في النار عمر الدنيا لا يرفأ لهم دمع، ولا يكتحلون بنوم، ويجوز أن يكون الضحك كناية عن الفرح، والبكاء عن الغم، وأن تكون القلة عبارة عن العدم والكثرة عن الدوام.

                                                                                                                                                                                                                                      جزاء بما كانوا يكسبون من فنون المعاصي، والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار التجددي ما داموا في الدنيا و جزاء مفعول له للفعل الثاني، أي: ليبكوا جزاء، أو مصدر حذف ناصبه، أي: يجزون بما ذكر من البكاء الكثير جزاء بما كسبوا من المعاصي المذكورة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية