الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 541 ] القول في تأويل قوله ( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ( 74 ) )

قال أبو جعفر : وهذا حض من الله المؤمنين على جهاد عدوه من أهل الكفر به على أحايينهم غالبين كانوا أو مغلوبين ، والتهاون بأقوال المنافقين في جهاد من جاهدوا من المشركين ، [ وأن لهم في ] جهادهم إياهم - مغلوبين كانوا أو غالبين - منزلة من الله رفيعة .

يقول الله لهم - جل ثناؤه - : فليقاتل في سبيل الله ، يعني في دين الله والدعاء إليه ، والدخول فيما أمر به أهل الكفر به " الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة " ، يعني الذين يبيعون حياتهم الدنيا بثواب الآخرة وما وعد الله أهل طاعته فيها ، وبيعهم إياها بها إنفاقهم أموالهم في طلب رضى الله لجهاد من أمر بجهاده من أعدائه وأعداء دينه ، وبذلهم مهجهم له في ذلك .

أخبر - جل ثناؤه - بما لهم في ذلك إذا فعلوه فقال : ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما : يقول : ومن يقاتل - في طلب إقامة دين الله وإعلاء كلمة الله - أعداء الله " فيقتل " يقول : فيقتله أعداء الله ، أو يغلبهم [ ص: 542 ] فيظفر بهم " فسوف نؤتيه أجرا عظيما " يقول : فسوف نعطيه في الآخرة ثوابا وأجرا عظيما . وليس لما سمى - جل ثناؤه - " عظيما " مقدار يعرف مبلغه عباد الله .

وقد دللنا على أن الأغلب على معنى " شريت " في كلام العرب " بعت " بما أغنى [ عن إعادته ]

وقد : -

9942 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة : يقول : يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة .

9943 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ، ف " يشري " : يبيع ، " ويشري " : يأخذ ، وإن الحمقى باعوا الآخرة بالدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية