الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا مسلم بن سعيد ، ثنا مجاشع بن عمر ، ثنا ابن لهيعة ، عن يحيى بن ميمون الحضرمي ، عن كعب ، قال : لما أمر الله - عز وجل - موسى - عليه السلام - أن أسر ببني إسرائيل ، أمره أن يحمل معه عظام يوسف - عليه السلام - فلم يدر موسى - عليه السلام - أين موضع قبره ؟ وكانت امرأة من بني إسرائيل يقال لها : سراج ، فكانت كلما حضر أجلها مد الله تعالى في عمرها إلى أن أدركت موسى - عليه السلام - فقالت لموسى : أنا أخبرك بموضع قبر يوسف على أن تعطيني ثلاث خصال ، قال : وما هي ؟ قالت : تدعو الله تعالى أن يرد شبابي كما كنت أولا ، قال : لك ذلك ، قالت : وتحملني معك ، قال : لك ذلك ، قالت : وأكون معك في درجتك يوم القيامة ، قال : فبكى موسى - عليه السلام - فأوحى الله إليه أن الجنة بيدي فأعطها ما سألت ، فقال موسى - عليه السلام - : لك ذلك ، قالت : فإن قبره في هذه الجزيرة وقد غلبه الماء ، قال : فأخذ موسى قحفين فكتب عليهما اسم الله الأعظم ، ثم ألقى أحد القحفين في جانب الجزيرة ، وألقى القحف الآخر في الجانب الآخر فانحسر الماء عن الجزيرة ، فقالت المرأة : هنا موضع قبره ، فابتدره الشبان فوجدوا يوسف - عليه السلام - في تابوت من مرمر فاحتملوه فحملوه معه ، قال : وقارون يرمق القحفين فأخذهما فكان لا يمر بموضع كنز إلا وضع القحفين عليه فانشقت الأرض فاستخرج الكنز منه فذلك قوله : ( إنما أوتيته على علم عندي ) يعني به القحفين ، وما كان علم قبل ذلك شيئا .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني الصلت بن مسعود ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا أبو عمران الجوني ، عن عبد الله بن أبي رباح الأنصاري ، عن كعب قال : كان إبراهيم - عليه السلام - يقري الضيف ويرحم المسكين وابن السبيل ، فأبطأت عليه الأضياف حتى استراب لذلك فخرج إلى الطريق [ ص: 28 ] يطلب ، فجلس فمر به ملك الموت في صورة رجل فسلم عليه فرد عليه إبراهيم ثم سأله : من أنت ؟ قال :أنا ابن السبيل ، قال : إنما قعدت ههنا لمثلك فأخذ بيده فقال له : انطلق ، فذهب به إلى منزله فلما رآه إسحاق عرفه فبكى إسحاق فلما رأت سارة إسحاق يبكي بكت لبكائه ، فلما رأى إبراهيم سارة تبكي بكى لبكائها ، فلما رأى ملك الموت إبراهيم يبكي بكى لبكائه ثم صعد ملك الموت ، فلما أفاقوا غضب إبراهيم - عليه السلام - فقال : بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب ، قال إسحاق : لا تلمني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك ولا أرى أجلك إلا قد حضر فارث في أهلك ؛ أي أوص . وكان لإبراهيم - عليه السلام - بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه لا يدخله غيره ، فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه فإذا هو برجل جالس فقال إبراهيم - عليه السلام - : من أدخلك ؟ بإذن من دخلت ؟ قال : بإذن رب البيت دخلت ، قال : رب البيت أحق به ، ثم تنحى في ناحية البيت فصلى ودعا كما كان يصنع ، فصعد ملك الموت فقيل له : ما رأيت ؟ قال :يا رب جئتك من عند عبد لك ليس في الأرض بعده خير منه ، فقيل له : ما رأيت منه ؟ قال :ما ترك خلقا من خلقك إلا وقد دعا له بخير في دينه ومعيشته ، ثم مكث إبراهيم ما شاء الله ثم جاء ففتح بابه فإذا هو فيه برجل جالس ، قال له : من أنت ؟ قال :أنا ملك الموت ، قال إبراهيم : إن كنت صادقا فأرني منك آية أعرف أنك ملك الموت قال : أعرض بوجهك يا إبراهيم ، قال : ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض فيها أرواح المؤمنين فرأى من النور والبهاء شيئا لا يعلمه إلا الله ، ثم قال : أعرض بوجهك ، ثم قال : انظر ، فأراه الصورة التي يقبض فيها الكفار والفجار فرعب إبراهيم رعبا شديدا حتى التزق بطنه بالأرض وكادت نفس إبراهيم أن تخرج ، فقال : أعرف ، فانظر الأمر الذي أمرت به فامض له ، فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف بإبراهيم ، فأتاه وهو في عنب له في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء فلما رآه إبراهيم رحمه فأخذ مكتلا ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله ثم جاء فوضعه بين يديه فقال : كل ، فجعل يمضغ ويريه أنه يأكل ويمجه على لحيته وصدره فعجب إبراهيم - عليه السلام - فقال : [ ص: 29 ] ما أبقت السنون منك شيئا كم أتى لك ؟ فحسب مدة إبراهيم - عليه السلام - فقال : إن لي كذا وكذا ، فقال إبراهيم - عليه السلام - : قد أتى لي مثل هذا ، وإنما أنتظر أن أكون مثلك ؟ اللهم اقبضني إليك ، قال : فطابت نفس إبراهيم عن نفسه ، وقبض ملك الموت روحه على تلك الحال .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا أحمد بن موسى العدوي ، ثنا إسماعيل بن سعيد الكسائي ، ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ، عن عمه ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن جزء بن جابر الخثعمي ، أنه سمع كعبا ، يقول : كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه ، فقال له موسى : [ يا رب هذا كلامك ؟ فقال الله : لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا ، قال موسى : ] يا رب هل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأقرب خلقي شبها بكلامي أشد ما يسمع من الصواعق .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، حدثني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قودر عن كعب ، قال : ليس شيء أشد على إبليس وجنوده والشياطين ولا أكثر لبكائهم من أن يروا مسلما ساجدا ، يقولون : بالسجود دخلوا الجنة وبالسجود دخلنا النار .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني يحيى بن أيوب ، عن زيادة بن فائد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، عن كعب ، أنه قال : من قرأ ( قل هو الله أحد ) حتى ختم ، عشر مرات بني له بها قصر في الجنة ، وإن ( قل هو الله أحد ) تعدل التوراة والإنجيل والفرقان ، وإن قرأ بأم القرآن في ركعتي الضحى كتب له بكل شعرة حسنة .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم ، ثنا أحمد ، ثنا ابن وهب ، ثنا عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قودر ، عن كعب الأحبار ، قال : من ختم القرآن زوجه الله مائة ألف زوجة من الحور العين لكل زوجة مائة ألف ألف وصيف ووصيفة ، ومن قرأ شيئا منه فبحساب ذلك ، وإن ختمه مرابطا زاده الله على ذلك مائة ألف ألف [ ص: 30 ] ضعف وبنى له عدد ذلك مدائن وقصورا وغرفا من در وياقوت في الجنة ، وكان ذلك على الله يسيرا . قال كعب : وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من قراءة القرآن والذكر . قال : وسمع كعب رجلا يقرأ القرآن فقال : خيار عباد الله من أطاب الكلام ، وشرار عباد الله من أخبث الكلام . وقال كعب : من قرأ ( قل هو الله أحد ) حرم الله لحمه على النار .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو عروبة الحراني ، ثنا المسيب بن واضح ، ثنا مخلد بن الحسين ، عن أبي مسعود الجريري ، عن كعب ، في قوله تعالى : ( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) قال : هم والله أصحاب الصلوات الخمس سماهم الله تعالى بها عابدين .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن عمران بن الجنيد ، ثنا عبد الله بن عاصم ، ثنا حماد بن قيراط ، عن مبارك بن مجاهد أبي الأزهر الجريري ، عن أبي العلاء ، عن كعب ، في قوله تعالى : ( إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ) قال : من صلى الخمس في جماعة فقد ملأ يديه ونحوه عبادة .

              حدثنا أبو محمد ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا ابن وارة ، ثنا حجاج ، عن حماد ، عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن رباح ، عن كعب ، قال : ختمت التوراة : ( الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن ) الآية .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ابن لهيعة ، عن وهب بن عبد الله ، عن كعب ، أنه قال :لأن أفطر على أراك أحب إلي من أن أصوم يوم السبت .

              أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم - في كتابه - ثنا محمد بن أيوب ، ثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا عمران بن حدير ، عن الشميط ، قال كعب : إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا ، وإذا أراد الله هلكتهم بعث فيهم مترفيهم .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام ، ثنا هناد بن السري ، ثنا يعلى ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن شهر بن حوشب ، عن كعب ، [ ص: 31 ] قال : لوددت أني كبش أهلي فأخذوني فذبحوني فأكلوا وأطعموا ضيفهم .

              حدثنا عبد الله ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا هناد ، ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن كعب ، قال : من أقام الصلاة وآتى الزكاة وسمع وأطاع فقد توسط الإيمان ، ومن أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن ابن عجلان ، عن أبي عبيد ، أن كعبا دخل كنيسة فأعجبه حسنها فقال : أحسن عمل وأضل قوم ، رضيت لهم بالفلق ، فقيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من شدة حره .

              [ حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني عمر بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عبد الله بن عبيدة ، عن راشد الزهري ، عن كعب ، أنه كان يقول : اعمل عمل العبد الذي لا يرى أنه يموت إلا هرما ، واحذر حذر المرء الذي يرى أنه يموت غدا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ] قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قودر ، عن كعب ، قال : رب قائم مشكور له ، ورب نائم مغفور له ، وذلك أن الرجلين يتحابان في الله فقام أحدهما يصلي فرضي الله صلاته ودعاءه فلم يرد عليه من دعائه شيئا ، فذكر أخاه ذلك في دعائه من الليل فقال : يا رب أخي فلان اغفر له ، فغفر الله له وهو نائم .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن عطاء بن يسار ، عن كعب ، قال : صيام يوم في سبيل الله يبعد من جهنم سبعين خريفا . وقال : في الجنة نهر يدعى الريان للصائمين يوم القيامة لا يشرب منه إلا الصائمون .

              [ ص: 32 ] حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، ثنا قتيبة ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن عطاء بن يسار ، عن كعب ، أنه سئل عن العقوق فقال : إذا أمرك أبواك فلم تطعهما فقد عققتهما ، وإذا دعوا عليك فقد عققتهما العقوق كله .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، ثنا ابن أبي السري ، ثنا ضمرة ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن كعب ، قال : إذا صلى الرجل بأذان وإقامة صلى معه من الملائكة ما يسد الأفق ، وإذا صلى بإقامة صلى معه ملكاه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية