nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28981قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون
جواب من الله لكلام
موسى جرى على طريقة حكاية المحاورات أن لا تعطف جملها كما تقدم غير مرة .
وافتتاح الجملة بـ قد والفعل الماضي يفيد تحقيق الحصول في المستقبل ، فشبه بالمضي .
وأضيفت الدعوة إلى ضمير التثنية المخاطب به
موسى وهارون وإن كانت الدعوة إنما حكيت عن
موسى - عليه السلام - وحده لأن
موسى - عليه السلام - دعا لما كان
هارون مواطئا له وقائلا بمثله لأن دعوتهما واحدة . وقيل : كان
موسى - عليه السلام - يدعو
وهارون - عليه السلام - يؤمن .
ومعنى إجابة الدعوة إعطاء ما سأله
موسى ربه أن يسلب عن
فرعون وملإه النعم ، ويوالي عليهم المصائب حتى يسأموا مقاومة دعوة
موسى وتنحط غلواؤهم ،
[ ص: 273 ] قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=130ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات
وفرع على إجابة دعوتهما أمرهما بالاستقامة ، فعلم أن الاستقامة شكر على الكرامة فإن إجابة الله دعوة عبده إحسان للعبد وإكرام ، وتلك نعمة عظيمة تستحق الشكر عليها وأعظم الشكر طاعة المنعم .
وإذ قد كان
موسى وهارون مستقيمين ، وناهيك باستقامة النبوة كان أمرهما بالاستقامة مستعملا في الأمر بالدوام عليها . وأعقب حثهما على الاستقامة بالنهي عن اتباع طريق الذين لا يعلمون وإن كان ذلك مشمولا للاستقامة تنبيها على توخي السلامة من العدول عن طريق الحق اهتماما بالتحذير من الفساد .
والاستقامة : حقيقتها الاعتدال ، وهي ضد الاعوجاج ، وهي مستعملة كثيرا في معنى ملازمة الحق والرشد ; لأنه شاع تشبيه الضلال والفساد بالاعوجاج والالتواء . وقيل للحق : طريق مستقيم . وقد تقدم في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ، فكان أمرهما بالاستقامة جامعا لجميع خصال الخير والصلاح .
وفي حديث
أبي عمرة الثقفي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341949قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك . قال : قل : آمنت بالله ثم استقم .
ومن الاستقامة أن يستمرا على الدعوة إلى الدين ولا يضجرا .
والسبيل : الطريق ، وهو هنا مستعمل للسيرة والعمل الغالب .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=89ولا تتبعان قرأه الجمهور بتشديد النون مكسورة . وهما نونان : إحداهما نون المثنى والأخرى نون التوكيد . وقرأ
ابن ذكوان عن
ابن عامر ولا تتبعان بنون خفيفة مكسورة . وهي نون رفع المثنى لا نون التوكيد ، فتعين أن تكون لا على هاته القراءة نافية غير ناهية ، والجملة في موضع الحال والواو واو الحال ; لأن جملة الحال المضارعة المفتتحة بحرف نفي يجوز اقترانها بالواو وعدمه .
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=89nindex.php?page=treesubj&link=28981قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ لِكَلَامِ
مُوسَى جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ حِكَايَةِ الْمُحَاوَرَاتِ أَنْ لَا تُعْطَفَ جُمَلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ .
وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِـ قَدْ وَالْفِعْلِ الْمَاضِي يُفِيدُ تَحْقِيقَ الْحُصُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، فَشُبِّهَ بِالْمُضِيِّ .
وَأُضِيفَتِ الدَّعْوَةُ إِلَى ضَمِيرٍ التَّثْنِيَةِ الْمُخَاطَبِ بِهِ
مُوسَى وَهَارُونُ وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَةُ إِنَّمَا حُكِيَتْ عَنْ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحْدَهُ لِأَنَّ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَعَا لَمَّا كَانَ
هَارُونُ مُوَاطِئًا لَهُ وَقَائِلًا بِمِثْلِهِ لِأَنَّ دَعْوَتَهُمَا وَاحِدَةٌ . وَقِيلَ : كَانَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَدْعُو
وَهَارُونُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُؤَمِّنُ .
وَمَعْنَى إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِعْطَاءُ مَا سَأَلَهُ
مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يَسْلِبَ عَنْ
فِرْعَوْنَ وَمَلَإِهِ النِّعَمَ ، وَيُوَالِيَ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبَ حَتَّى يَسْأَمُوا مُقَاوَمَةَ دَعْوَةِ
مُوسَى وَتَنْحَطُّ غَلْوَاؤُهُمْ ،
[ ص: 273 ] قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=130وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=133فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ
وَفَرَّعَ عَلَى إِجَابَةِ دَعْوَتِهِمَا أَمَرَهُمَا بِالِاسْتِقَامَةِ ، فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْتِقَامَةَ شُكْرٌ عَلَى الْكَرَامَةِ فَإِنَّ إِجَابَةَ اللَّهِ دَعْوَةَ عَبْدِهِ إِحْسَانٌ لِلْعَبْدِ وَإِكْرَامٌ ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ عَلَيْهَا وَأَعْظَمُ الشُّكْرِ طَاعَةُ الْمُنَعِّمِ .
وَإِذْ قَدْ كَانَ
مُوسَى وَهَارُونُ مُسْتَقِيمِينِ ، وَنَاهِيكَ بِاسْتِقَامَةِ النُّبُوَّةِ كَانَ أَمْرُهُمَا بِالِاسْتِقَامَةِ مُسْتَعْمَلًا فِي الْأَمْرِ بِالدَّوَامِ عَلَيْهَا . وَأَعْقَبَ حَثَّهُمَا عَلَى الِاسْتِقَامَةِ بِالنَّهْيِ عَنِ اتِّبَاعِ طَرِيقِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْمُولًا لِلِاسْتِقَامَةِ تَنْبِيهًا عَلَى تَوَخِّي السَّلَامَةِ مِنَ الْعُدُولِ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ اهْتِمَامًا بِالتَّحْذِيرِ مِنَ الْفَسَادِ .
وَالِاسْتِقَامَةُ : حَقِيقَتُهَا الِاعْتِدَالُ ، وَهِيَ ضِدُّ الِاعْوِجَاجِ ، وَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ كَثِيرًا فِي مَعْنَى مُلَازِمَةِ الْحَقِّ وَالرُّشْدِ ; لِأَنَّهُ شَاعَ تَشْبِيهُ الضَّلَالِ وَالْفَسَادِ بِالِاعْوِجَاجِ وَالِالْتِوَاءِ . وَقِيلَ لِلْحَقِّ : طَرِيقٌ مُسْتَقِيمٌ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، فَكَانَ أَمْرُهُمَا بِالِاسْتِقَامَةِ جَامِعًا لِجَمِيعِ خِصَالِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ .
وَفِي حَدِيثِ
أَبِي عَمْرَةَ الثَّقَفِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341949قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ . قَالَ : قُلْ : آمَنَتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ .
وَمِنَ الِاسْتِقَامَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّا عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ وَلَا يَضْجَرَا .
وَالسَّبِيلُ : الطَّرِيقُ ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعْمِلٌ لِلسِّيرَةِ وَالْعَمَلِ الْغَالِبِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=89وَلَا تَتَّبِعَانِّ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ مَكْسُورَةً . وَهُمَا نُونَانِ : إِحْدَاهُمَا نُونُ الْمُثَنَّى وَالْأُخْرَى نُونُ التَّوْكِيدِ . وَقَرَأَ
ابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ وَلَا تَتَّبِعَانِ بِنُونٍ خَفِيفَةٍ مَكْسُورَةٍ . وَهِيَ نُونُ رَفْعِ الْمُثَنَّى لَا نُونُ التَّوْكِيدِ ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ لَا عَلَى هَاتِهِ الْقِرَاءَةِ نَافِيَةً غَيْرَ نَاهِيَةٍ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ الْحَالِ الْمُضَارِعَةِ الْمُفْتَتَحَةِ بِحَرْفِ نَفْيٍ يَجُوزُ اقْتِرَانُهَا بِالْوَاوِ وَعَدَمِهِ .