الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن دخل في الصلاة ثم بلغ في أثنائها قال الشافعي رحمه الله : ( أحببت أن يتم ويعيد ولا يبين لي أن عليه الإعادة ) قال أبو إسحاق يلزمه الإتمام ويستحب له أن يعيد ، وقوله ( أحببت ) يرجع إلى الجمع بين الإتمام والإعادة وهو الظاهر من المنصوص ، والدليل عليه أن صلاته صحيحة ، وقد أدركه الوجوب وهو فيها فلزمه الإتمام ، ولا يلزمه أن يعيد ; لأنه صلى الواجب بشروطه فلا يلزمه الإعادة وعلى هذا لو صلى في أول الوقت ثم بلغ في آخره أجزأه ذلك عن الفرض ; لأنه صلى صلاة الوقت بشروطها فلا يلزمه الإعادة . وحكي عن أبي العباس بن سريج مثل قول أبي إسحاق وحكي عنه أنه قال : يستحب الإتمام وتجب الإعادة فعلى هذا لو صلى في أول الوقت وبلغ في آخره لزمه أن يعيد ; لأن ما صلى قبل البلوغ نفل فاستحب إتمامه فيلزمه أن يعيد ; لأنه أدرك وقت الفرض ولم يأت به ، فيلزمه أن يأتي به ، ومن أصحابنا من قال : إن خرج منها ثم بلغ ولم يبق من وقتها ما يمكن قضاؤها فيه لم تلزمه الإعادة ، وإن بقي من وقتها ما يمكنه القضاء فيه لزمه ، وهذا غير صحيح ; لأنه لو وجبت الإعادة إذا بقي من الوقت قدر الصلاة لوجبت الإعادة إذا أدرك مقدار ركعة ) .

                                      [ ص: 14 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 14 ] الشرح ) حاصل ما ذكره مسألتان ( إحداهما ) إذا بلغ في أثناء الصلاة بالسن فثلاثة أوجه ، الصحيح الذي عليه الجمهور - وهو ظاهر النص - أنه يلزمه إتمام الصلاة ، ويستحب إعادتها ولا يجب . والثاني : يستحب الإتمام وتجب الإعادة . والثالث قاله الإصطخري ولم يذكره المصنف إن بقي من الوقت ما يسع تلك الصلاة وجبت الإعادة وإلا فلا



                                      ( المسألة الثانية ) صلى وفرغ منها وهو صبي ثم بلغ في الوقت فثلاثة أوجه الصحيح : تستحب الإعادة ولا تجب . والثاني : تجب سواء قل الباقي من الوقت أم كثر والثالث قاله الإصطخري إن بقي من الوقت ما يسع تلك الصلاة بعد بلوغه وجبت الإعادة وإلا فلا . وقد ذكر المصنف توجيه الجميع ، هذا كله في غير الجمعة أما إذا صلى الظهر يوم الجمعة ثم بلغ وأمكنه إدراك الجمعة ، فإن قلنا في سائر الأيام تجب الإعادة وجبت الجمعة ، وإلا فوجهان مشهوران حكاهما المصنف في باب صلاة الجمعة ، ( أحدهما ) وبه قال ابن الحداد يجب أيضا ، ; لأنه كان مأمورا بالجمعة ( والصحيح ) لا تجب كالمسافر والعبد إذا صليا الظهر ثم زال عذرهما وأمكنهما ، لا يلزمهما بلا خلاف والله أعلم .



                                      ( فرع ) مذهبنا المشهور المنصوص أن الصبي إذا بلغ في أثناء الوقت وقد صلى لا يلزمه الإعادة . وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : يلزمه إعادة الصلاة دون الطهارة ، وقال داود : يلزمه إعادة الطهارة والصلاة ، واحتج لأبي حنيفة بأن صلاته وقعت نفلا فلا تنقلب فرضا ، وقياسا على المصلي قبل الوقت . واحتج أصحابنا بأنه أدى وظيفة يومه ، قال الشيخ أبو حامد وغيره : وقولهم لا تنقلب فرضا نوافقهم عليه فنقول : قد صلى صلاة مثله ووقعت نفلا وامتنع به وجوب الفرض عليه ، لا أنه انقلب فرضا . والجواب عن المصلي قبل الوقت أنه غير مأمور به ، ولا مندوب إليه ، ولا مأذون فيه بخلاف مسألتنا .




                                      الخدمات العلمية