الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              749 [ ص: 130 ] 113 - باب: جهر المأموم بالتأمين

                                                                                                                                                                                                                              782 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك عن سمى -مولى أبي بكر- عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". تابعه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ونعيم المجمر، عن أبي هريرة رضي الله عنه. [انظر: 780 - مسلم: 410 - فتح: 2 \ 226].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ: "إذا قال القارئ غير المغضوب عليهم فقال من خلفه: آمين فوافق قوله قول أهل السماء؛ غفر له ما تقدم من ذنبه" .

                                                                                                                                                                                                                              قال البخاري: تابعه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ونعيم المجمر، عن أبي هريرة.

                                                                                                                                                                                                                              أما متابعة محمد بن عمرو فأخرجها البيهقي من حديث النضر بن شميل عنه به بلفظ مسلم السالف ، وأخرجها الدارمي في "مسنده" من حديث يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو به ، ومتابعة نعيم أخرجها البيهقي من حديث سعيد بن هلال عنه، قال: صلى بنا [ ص: 131 ] أبو هريرة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: ولا الضالين قال: آمين، ثم قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: رواته ثقات ، وعزاه ابن عساكر إلى النسائي ولم نره فيه. وقال البزار: أصح حديث في هذا الباب حديث الزهري عن سعيد، عن أبي هريرة.

                                                                                                                                                                                                                              إذا تقرر ذلك، فاختلف العلماء في تأويل هذا الحديث على قولين: أحدهما: أنه خطاب للمأمومين أن يقولوا: آمين، وهي رواية ابن القاسم عن مالك .

                                                                                                                                                                                                                              والثاني معناه: إذا بلغ الإمام موضع التأمين وهو قوله: ولا الضالين وقال: آمين، فقولوا: آمين، واحتجوا مما رواه معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين؛ فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق ... " الحديث ، وبحديث نعيم السالف عن أبي هريرة، فهذا فعله، وهو راوي الحديث، فلا تعارض إذن بين هذا الحديث وبين قوله: "إذا أمن الإمام فأمنوا".

                                                                                                                                                                                                                              وجمع الطبري بينهما بأن الغفران حاصل إذا أمن بعد فراغ إمامه من الفاتحة أو بعد تأمين إمامه، فاتفقا على حصول الثواب أمن الإمام أو لم يؤمن، وافترقا بأن في أحدهما أمر من خلف الإمام به إذا أمن القارئ، وفي الآخر الأمر به إذا قال الإمام ولا الضالين وإن لم يؤمن الإمام.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 132 ] فإن قلت: فأين وجه الترجمة من الحديث فإنه لا يقتضي الجهر دون السر؟ قلت: لكن لما كان الإمام يجهر به، ولولا ذلك ما سمعه المأموم، وكانوا مأمورين باتباع الإمام في فعله، جهر المأموم بها كإمامه، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال عطاء وعكرمة: لقد أتى علينا زمان إذا قال الإمام: ولا الضالين سمعت لأهل المسجد رجة من قولهم: آمين -وقد أسلفناه عن عطاء في باب: جهر الإمام به مبسوطا- وقالت طائفة: يسر بها المأموم.

                                                                                                                                                                                                                              قال الطبري: والخبر بالجهر به والمخافتة صحيحان، وقد عمل بكل واحد منهما جماعة من علماء الأمة، وذلك يدل أنه مما خير الشارع فيه، ولذلك لم ينكر بعضهم على بعض كان منهم في ذلك، وإن كنت مختارا خفض الصوت بها؛ إذ كان أكثر الصحابة والتابعين على ذلك . كذا ادعاه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية