الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1678 ) مسألة ; قال : ( وإن دفنوا في قبر يكون الرجل ما يلي القبلة ، والمرأة خلفه ، والصبي خلفهما ، ويجعل بين كل اثنين حاجزا من تراب ) وجملته أنه إذا دفن الجماعة في القبر ، قدم الأفضل منهم إلى القبلة ، ثم الذي يليه في الفضيلة ، على حسب تقديمهم إلى الإمام في الصلاة سواء ، على ما ذكرنا في المسألة قبل هذه ; لما روى هشام بن عامر ، قال : { شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجراحات يوم أحد ، فقال : احفروا وأوسعوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد ، وقدموا أكثرهم قرآنا } . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا ، فإنه يجعل بين كل اثنين حاجزا من التراب ، فيجعل كل واحد منهم في مثل القبر المنفرد ; لأن الكفن حائل غير حصين . قال أحمد : ولو جعل لهم شبه النهر ، وجعل رأس أحدهم عند رجل الآخر ، وجعل بينهما شيء من التراب ، لم يكن به بأس . أو كما قال .

                                                                                                                                            ( 1679 ) فصل : ولا يدفن اثنان في قبر واحد ، إلا لضرورة . وسئل أحمد عن الاثنين والثلاثة يدفنون في قبر واحد . قال : أما في مصر فلا ، وأما في بلاد الروم فتكثر القتلى ، فيحفر شبه النهر ، رأس هذا عند رجل هذا ، ويجعل بينهما حاجزا ، لا يلتزق واحد بالآخر .

                                                                                                                                            وهذا قول الشافعي . وذلك لأنه لا يتعذر في الغالب إفراد كل واحد بقبر في المصر ، ويتعذر ذلك غالبا في دار الحرب ، وفي موضع المعترك . وإن وجدت الضرورة جاز دفن الاثنين والثلاثة وأكثر في القبر الواحد ، حيثما كان من مصر أو غيره . فإن مات له أقارب بدأ بمن يخاف تغيره ، وإن استووا في ذلك بدأ بأقربهم إليه ، على ترتيب النفقات ، فإن استووا في القرب قدم أنسبهم وأفضلهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية