nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=153والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا في هذه الآية وجهان : أحدهما أنها كلام مستأنف لبيان ما استحقه القوم من
nindex.php?page=treesubj&link=31927الجزاء على اتخاذ العجل ، قفى به على ما كان من شأن
موسى مع
هارون - عليهما السلام - في أمرهم ؛ لأن من سمع ذاك أو قرأه تستشرف نفسه لمعرفة هذا ، فهو إذا مما أوحاه الله - تعالى - يومئذ إلى
موسى - عليه السلام - ،
nindex.php?page=treesubj&link=29697والمراد بالغضب الإلهي فيه : ما اشترطه تعالى في قبول توبتهم من قتل أنفسهم ، وكان ذلك بعد عودة
موسى إلى مناجاته في الجبل . والذلة ؛ ما يشعرون به من هوانهم على الناس وظنهم عند لقاء كل أحد أنه يتذكر برؤيتهم ما كان منهم فيحتقرهم ، وقال بعضهم : إن هذه الذلة خاصة
بالسامري ، وهي ما حكم به عليه من القطيعة واجتناب الناس بقول
[ ص: 183 ] موسى له :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ( 20 : 97 ) أي : لا أمس أحدا ولا يمسني أحد .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152وكذلك نجزي المفترين أي ومثل هذا الجزاء في الدنيا نجزي المفترين على الله - تعالى - في أزمنة الأنبياء أو في كل زمان ؛ إذا فضحوا بظهور افترائهم كما فضح هؤلاء ، وجعله بعض مفسري السلف خاصا بافتراء البدع ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : إن ذل البدعة على أكتافهم ، وإن هملجت بهم البغال ، وطقطقت بهم البراذين ، وهكذا روى
أيوب عن
أبي قلابة أنه قرأ هذه الآية " وكذلك تجزي المفترين " وقال : هي والله لكل مفتر . إلى يوم القيامة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ابن عيينة : كل صاحب بدعة ذليل . نقل ذلك
ابن كثير في تفسيره ، وهو مشروط بكون افتراء الابتداع في أزمنة الرسل عليهم السلام على ما قيدناه به ؛ لأن الله - تعالى - كفل لهم النصر ، أو في دار الإسلام والعدل التي تقام فيها السنة ، وأما البدعة في دار الكفر أو دار الظلم والبدع والفسق والظلم فهي كظلة من الدخان ، أو قزعة من السحاب تحدث في حندس ليلة مطبقة السحاب ، حالكة الإهاب ، لا تكاد تظهر ، فيكون لأصحابها احتقار يذكر .
والوجه الثاني : أن هذا كلام معترض في القصة خاطب الله به خاتم رسله ؛ لإنذار المجاورين له في المدينة ما سيكون من سوء عاقبتهم في افترائهم على الله وعداوتهم لرسوله ، وإنكارهم ما في كتبهم من البشارة به ، ووصفهم باتخاذ العجل لشبههم بهم وكونهم خلفا لهم في افتراء كل منهما على الله في عهد ظهور حجته على لسان رسوله . كما عيرهم في آيات أخرى بقتل النبيين بغير الحق وغير ذلك من جرائم سلفهم ، وروي هذا الوجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي قال : المراد سينال أولاد الذين عبدوا العجل وهم الذين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأريد بالغضب والذلة ما أصاب
بني النضير وقريظة من القتل والجلاء ، أو ما أصابهم من ذلك ومن ضرب الجزية عليهم ا هـ . وتوجيهنا أظهر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يتعلق في الحياة الدنيا بالذلة وحدها ، ويراد : سينالهم غضب في الآخرة وذلة في الحياة الدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ( 2 : 61 ) ا هـ ، وأقول : إن لم يكن هذا هو المراد فعذاب الآخرة مقدر في الكلام دل عليه ذكر الدنيا ، على ما علم من اطراده بنصوص أخرى .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=153وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ مَا اسْتَحَقَّهُ الْقَوْمُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=31927الْجَزَاءِ عَلَى اتِّخَاذِ الْعِجْلِ ، قَفَّى بِهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ شَأْنِ
مُوسَى مَعَ
هَارُونَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - فِي أَمْرِهِمْ ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ ذَاكَ أَوْ قَرَأَهُ تَسْتَشْرِفُ نَفْسُهُ لِمَعْرِفَةِ هَذَا ، فَهُوَ إِذًا مِمَّا أَوْحَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - يَوْمَئِذٍ إِلَى
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ،
nindex.php?page=treesubj&link=29697وَالْمُرَادُ بِالْغَضَبِ الْإِلَهِيِّ فِيهِ : مَا اشْتَرَطَهُ تَعَالَى فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِمْ مِنْ قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَوْدَةِ
مُوسَى إِلَى مُنَاجَاتِهِ فِي الْجَبَلِ . وَالذِّلَّةُ ؛ مَا يَشْعُرُونَ بِهِ مِنْ هَوَانِهِمْ عَلَى النَّاسِ وَظَنِّهِمْ عِنْدَ لِقَاءِ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ يَتَذَكَّرُ بِرُؤْيَتِهِمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ فَيَحْتَقِرَهُمْ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ هَذِهِ الذِّلَّةَ خَاصَّةٌ
بِالسَّامِرِيِّ ، وَهِيَ مَا حُكِمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَاجْتِنَابِ النَّاسِ بِقَوْلِ
[ ص: 183 ] مُوسَى لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ ( 20 : 97 ) أَيْ : لَا أَمَسُّ أَحَدًا وَلَا يَمَسُّنِي أَحَدٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=152وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ أَيْ وَمِثْلُ هَذَا الْجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي أَزْمِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ فِي كُلِّ زَمَانٍ ؛ إِذَا فُضِحُوا بِظُهُورِ افْتِرَائِهِمْ كَمَا فُضِحَ هَؤُلَاءِ ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ مُفَسِّرِي السَّلَفِ خَاصًّا بِافْتِرَاءِ الْبِدَعِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : إِنَّ ذُلَّ الْبِدْعَةِ عَلَى أَكْتَافِهِمْ ، وَإِنْ هَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ ، وَطَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ ، وَهَكَذَا رَوَى
أَيُّوبُ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ " وَكَذَلِكَ تَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " وَقَالَ : هِيَ وَاللَّهِ لِكُلِّ مُفْتَرٍ . إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ : كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ ذَلِيلٌ . نَقَلَ ذَلِكَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ افْتِرَاءِ الِابْتِدَاعِ فِي أَزْمِنَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى مَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - كَفَلَ لَهُمُ النَّصْرَ ، أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْعَدْلِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا السُّنَّةُ ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ فِي دَارِ الْكُفْرِ أَوْ دَارِ الظُّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَهِيَ كَظُلَّةٍ مِنَ الدُّخَانِ ، أَوْ قَزَعَةٍ مِنَ السَّحَابِ تَحْدُثُ فِي حِنْدِسِ لَيْلَةٍ مُطْبِقَةِ السَّحَابِ ، حَالِكَةِ الْإِهَابِ ، لَا تَكَادُ تَظْهَرُ ، فَيَكُونُ لِأَصْحَابِهَا احْتِقَارٌ يُذْكَرُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُعْتَرِضٌ فِي الْقِصَّةِ خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ خَاتَمَ رُسُلِهِ ؛ لِإِنْذَارِ الْمُجَاوِرِينَ لَهُ فِي الْمَدِينَةِ مَا سَيَكُونُ مِنْ سُوءِ عَاقِبَتِهِمْ فِي افْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَعَدَاوَتِهِمْ لِرَسُولِهِ ، وَإِنْكَارِهِمْ مَا فِي كُتُبِهِمْ مِنَ الْبِشَارَةِ بِهِ ، وَوَصَفَهُمْ بِاتِّخَاذِ الْعِجْلِ لِشَبَهِهِمْ بِهِمْ وَكَوْنِهِمْ خَلَفًا لَهُمْ فِي افْتِرَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى اللَّهِ فِي عَهْدِ ظُهُورِ حُجَّتِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ . كَمَا عَيَّرَهُمْ فِي آيَاتٍ أُخْرَى بِقَتْلِ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَرَائِمِ سَلَفِهِمْ ، وَرُوِيَ هَذَا الْوَجْهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16574عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ قَالَ : الْمُرَادُ سَيَنَالُ أَوْلَادُ الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْلَ وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأُرِيدَ بِالْغَضَبِ وَالذِّلَّةِ مَا أَصَابَ
بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجَلَاءِ ، أَوْ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ ا هـ . وَتَوْجِيهُنَا أَظْهَرُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالذِّلَّةِ وَحْدَهَا ، وَيُرَادُ : سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ فِي الْآخِرَةِ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ( 2 : 61 ) ا هـ ، وَأَقُولُ : إِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَعَذَابُ الْآخِرَةِ مُقَدَّرٌ فِي الْكَلَامِ دَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الدُّنْيَا ، عَلَى مَا عُلِمَ مِنِ اطِّرَادِهِ بِنُصُوصٍ أُخْرَى .