الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 252 ] فمن التأويلات الفاسدة ، تأويل أدلة الرؤية ، وأدلة العلو ، وأنه لم يكلم موسى تكليما ، ولم يتخذ إبراهيم خليلا ! ثم قد صار لفظ التأويل مستعملا في غير معناه الأصلي .

فالتأويل في كتاب الله وسنة رسوله : هو الحقيقة التي يئول إليها الكلام . فتأويل الخبر : هو عين المخبر به ، وتأويل الأمر نفس الفعل المأمور به . كما قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه : ( ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) ) يتأول القرآن . وقال تعالى : [ ص: 253 ] هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ( الأعراف : 53 ) . ومنه تأويل الرؤيا ، وتأويل العمل ، كقوله : هذا تأويل رؤياي من قبل ( يوسف : 100 ) . وقوله : ويعلمك من تأويل الأحاديث ( يوسف : 6 ) . وقوله : ذلك خير وأحسن تأويلا ( النساء : 59 ) . وقوله : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ( الكهف : 78 ) ، إلى قوله : ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ( الكهف : 82 ) ، فمن ينكر وقوع مثل هذا التأويل ، والعلم بما تعلق بالأمر والنهي منه ؟ وأما ما كان خبرا ، كالإخبار عن الله واليوم الآخر ، فهذا قد لا يعلم تأويله ، الذي هو حقيقته ، إذ كانت لا تعلم بمجرد الإخبار ، فإن المخبر إن لم يكن قد تصور المخبر به ، أو ما يعرفه قبل ذلك ، لم يعرف حقيقته ، التي هي تأويله ، بمجرد الإخبار . وهذا هو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله . لكن لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى الذي قصد المخاطب إفهام المخاطب إياه ، فما في القرآن آية إلا وقد أمر الله بتدبرها ، وما أنزل آية إلا وهو يحب أن يعلم ما عنى بها ، وإن كان من تأويله ما لا يعلمه إلا الله . فهذا معنى التأويل في الكتاب والسنة وكلام السلف ، وسواء كان هذا التأويل موافقا للظاهر أو مخالفا له .

التالي السابق


الخدمات العلمية