الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين الآية. فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يوم الحساب، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يوم الجزاء، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        هذا يوم الفصل الآية. فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يوم القضاء بين الخلائق، قاله يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يفصل فيه بين الحق والباطل، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ] قوله عز وجل: احشروا الذين ظلموا الآية. فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: المكذبون بالرسل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: هم الشرط ، حكاه الثوري.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هم كل من تعدى على الخالق والمخلوق.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي وأزواجهم أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أشباههم فيحشر صاحب الزنى مع صاحب الزنى ، وصاحب الخمر مع صاحب الخمر ، قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: قرناؤهم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أشياعهم ، قاله قتادة ، ومنه قول الشاعر:

                                                                                                                                                                                                                                        فكبا الثور في وسيل وروض مونق النبت شامل الأزواج

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: نساؤهم الموافقات على الكفر ، رواه النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                        وما كانوا يعبدون من دون الله وفيهم ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: إبليس ، قاله ابن زياد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: الشياطين ، وهو مأثور.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: الأصنام ، قاله قتادة وعكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        فاهدوهم إلى صراط الجحيم أي طريق النار.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله تعالى: فاهدوهم ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: فدلوهم ، قاله ابن....

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فوجهوهم ، رواه معاوية بن صالح.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: فادعوهم ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وقفوهم إنهم مسؤولون أي احبسوهم عن دخول النار.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 44 ] إنهم مسؤولون فيه ستة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: عن لا إله إلا الله ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: عما دعوا إليه من بدعة ، رواه أنس مرفوعا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: عن ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حكاه أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: عن جلسائهم ، قاله عثمان بن زيادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: محاسبون ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس: مسؤولون.

                                                                                                                                                                                                                                        ما لكم لا تناصرون على طريق التوبيخ والتقريع لهم ، وفيهم ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: لا ينصر بعضكم بعضا ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا يمنع بعضكم بعضا من دخول النار ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لا يتبع بعضكم بعضا في النار يعني العابد والمعبود ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        فإن قيل: فهلا كانوا مسؤولين قبل قوله فاهدوهم الآية؟

                                                                                                                                                                                                                                        قيل: لأن هذا توبيخ وتقريع فكان نوعا من العذاب فلذلك صار بعد الأمر بالعذاب.

                                                                                                                                                                                                                                        قال مجاهد : ولا تزول من بين يدي الله تعالى قدم عبد حتى يسأل عن خصال أربع: عمره فيم أفناه ، وجسده فيم أبلاه ، وماله مم اكتسبه وفيم أنفقه ، وعلمه ما عمل فيه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية