الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قوله تعالى { ولا تصل على أحد منهم } الآية : نص في الامتناع من الصلاة على الكفار ، وليس فيه دليل على الصلاة على المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                              وقد وهم بعض أصحابنا فقال : إن الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية ، بدليل قوله : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } فنهى الله عن الصلاة على الكفار ، فدل على وجوبها على المؤمنين ، وهذه غفلة عظيمة ; فإن الأمر بالشيء نهي عن أضداده كلها عند بعض العلماء لفظا ، وباتفاقهم معنى .

                                                                                                                                                                                                              فأما النهي عن الشيء فقد اتفقوا في الوجهين على أنه أمر بأحد أضداده لفظا أو معنى ، وليست الصلاة على المؤمنين ضدا مخصوصا للصلاة على الكافرين ; بل كل طاعة ضد لها ، فلا يلزم من ذلك تخصيص الصلاة على المؤمنين دون سائر الأضداد .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة : صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ابن أبي اختلف فيها على ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : ما تقدم من أنه خير فاختار .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : ما روي أنه فعل ذلك مراعاة لولده ، وعونا له على صحة إيمانه ، إيناسا له [ ص: 560 ] وتأليفا لقومه ; فقد روي { أنه لما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم من الخزرج ألف رجل } .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : ما روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقال : قد كنت أسمع قولك ، فامنن علي اليوم ، وكفني بقميصك ، وصل علي . فكفنه رسول الله بقميصه ، وصلى عليه . قال ابن عباس : فالله أعلم أي صلاة هي ، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يخادع إنسانا قط . قال عكرمة : غير أنه قال يوم الحديبية كلمة حسنة قال المشركون : إنا منعنا محمدا أن يطوف بالبيت ، وإنا نأذن لك . فقال : لا ، لي في رسول الله أسوة حسنة . }

                                                                                                                                                                                                              قال القاضي : واتباع القرآن أولى في قوله تعالى : { إنهم كفروا بالله } الآية .

                                                                                                                                                                                                              فأخبر عنه بالكفر والموت على الفسق .

                                                                                                                                                                                                              وهذا عموم في الذي نزلت الآية بسببه ، وفي كل منافق مثله .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية