الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون يعني أهل الجنة كما يسأل أهل النار.

                                                                                                                                                                                                                                        قال قائل منهم يعني من أهل الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                        إني كان لي قرين يعني في الدنيا ، وفيه ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه الشيطان كان يغويه فلا يطيعه ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: شريك له كان يدعوه إلى الكفر فلا يجيبه ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنهما اللذان في سورة الكهف واضرب لهم مثلا رجلين إلى آخر قصتهما ، فقال المؤمن منهما في الجنة للكافر في النار. يقول أإنك لمن المصدقين يعني بالبعث.

                                                                                                                                                                                                                                        أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون فيه تأويلان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لمحاسبون، قاله مجاهد وقتادة والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لمجازون، قاله ابن عباس ومحمد بن كعب من قوله: كما تدين تدان.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قال هل أنتم مطلعون وهذا قول صاحب القرين للملائكة وقيل لأهل الجنة ، هل أنتم مطلعون يعني في النار. يحتمل ذلك وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لاستخباره عن جواز الاطلاع.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 50 ] الثاني: لمعاينة القرين.

                                                                                                                                                                                                                                        فاطلع يعني في النار. فرآه يعني قرينه في سواء الجحيم قال ابن عباس في وسط الجحيم ، وإنما سمي الوسط سواء لاستواء المسافة فيه إلى الجوانب قال قتادة : فوالله لولا أن الله عرفه إياه ما كان ليعرفه ، لقد تغير حبره وسبره يعني حسنه وتخطيطه.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قال تالله إن كدت لتردين هذا قول المؤمن في الجنة لقرينه في النار ، وفيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: لتهلكني لو أطعتك ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لتباعدني من الله تعالى ، قاله يحيى .

                                                                                                                                                                                                                                        ولولا نعمة ربي يعني بالإيمان لكنت من المحضرين يعني في النار ، لأن أحضر لا يستعمل مطلقا إلا في الشر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية