الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون ؛ كانت الأرض طينة؛ فمدت؛ وقيل: "مدت من تحت البيت الحرام"؛ و"الرواسي": الجبال الثوابت ؛ ومعنى من كل شيء موزون أي: من كل شيء مقدور جرى على وزن من قدر الله - عز وجل - لا يجاوز ما قدره الله عليه؛ لا يستطيع خلق زيادة فيه؛ ولا نقصانا؛ وقيل: "من كل شيء موزون"؛ أي: "من كل شيء يوزن"؛ نحو الحديد؛ والرصاص؛ والنحاس؛ والزرنيخ .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 177 ] وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ؛ موضع "من": نصب من جهتين؛ إحداهما العطف على "معايش"؛ المعنى: "وجعلنا لكم من لستم له برازقين"؛ وجائز أن يكون عطفا على تأويل "لكم"؛ المعنى: "في جعلنا لكم فيها معايش أعشناكم ومن لستم له برازقين"؛ وفي التفسير أن "من لستم له برازقين": الدواب؛ والأنعام.

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل في بعض التفسير: الوحوش؛ والنحويون يذهبون إلى أن "من"؛ لا يكاد أن يكون لغير ما يعقل؛ وقد قال - عز وجل -: فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع "؛ فجاءت "من"؛ لغير الناس؛ إذ وصف غير الناس بصفاتهم؛ كما جاءت الواو لغير الناس في قوله: وكل في فلك يسبحون

                                                                                                                                                                                                                                        والأجود - والله أعلم - أن يكون "من"؛ ههنا - أعني "ومن لستم له برازقين" -؛ يراد بها العبيد؛ والأنعام؛ والدواب؛ فيكون المعنى: "جعلنا لكم فيها معايش وجعلنا لكم العبيد؛ والدواب؛ والأنعام؛ وكفيتم مؤونة أرزاقها".

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية