الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي أحد الفقهاء والمشاهير . قال الإمام أحمد : هو عندنا في مسلاخ الثوري ، وخليفة بن خياط ، أحد أئمة التاريخ ، وسويد بن سعيد الحدثاني ، وسويد بن نصر ، وعبد السلام بن [ ص: 373 ] سعيد ، الملقب بسحنون أحد فقهاء المالكية المشهورين ، وعبد الواحد بن غياث ، وقتيبة بن سعيد شيخ أئمة السنة ، وأبو العميثل عبد الله بن خليد كاتب عبد الله بن طاهر ، وشاعره كان عالما باللغة وله فيها مصنفات عديدة أورد منها القاضي ابن خلكان جملة ، ومن شعره يمدح عبد الله بن طاهر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا من يحاول أن تكون صفاته كصفات عبد الله أنصت واسمع     فلأنصحنك في المشورة والذي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حج الحجيج إليه فاسمع أو دع     اصدق وعف وبر واصبر واحتمل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      واصفح وكاف ودار واحلم واشجع     والطف ولن وتأن وارفق واتئد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      واحزم وجد وحام واحمل وادفع [ ص: 374 ]     فلقد محضتك إن قبلت نصيحتي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهديت للنهج الأسد المهيع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أما سحنون المالكي صاحب المدونة فهو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة التنوخي ، أصله من مدينة حمص فدخل به أبوه مع جندها بلاد المغرب ، فأقام بها ، وانتهت إليه رياسة مذهب مالك هناك ، وكان قد تفقه على ابن القاسم ، وسببه أنه قدم أسد بن الفرات المالكي من بلاد العراق إلى بلاد مصر فسأل عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك عن أسئلة كثيرة ، فأجابه عنها ، فعقلها عنه ودخل بها بلاد المغرب ، فانتسخها منه سحنون ثم قدم على ابن القاسم مصر ، فأعاد أسئلته عليه فزاد فيها ونقص ، ورجع عن أشياء منها ، فرتبها سحنون ورجع بها إلى بلاد المغرب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكتب معه ابن القاسم إلى أسد بن الفرات أن يعرض نسخته على نسخة سحنون ويصلحها بها فلم يقبل ، فدعا عليه ابن القاسم ، فلم ينتفع به ولا بكتابه ، وصارت الرحلة إلى سحنون وانتشرت عنه المدونة ، وساد أهل ذلك الزمان ، وتولى القضاء بالقيروان إلى أن توفي في هذه السنة عن ثمانين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية