الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 434 ] جزء فيه جواب سائل سأل عن حرف «لو» [ ص: 436 ] جزء فيه جواب سائل سأل عن حرف «لو»

لشيخنا وسيدنا الإمام، العلامة، الأوحد، الحافظ، المجتهد، الزاهد، العابد، القدوة، علامة العلماء، وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، بركة الإسلام، حجة الأعلام، برهان المتكلمين، قامع المبتدعين، ذي العلوم الرفيعة، والفنون البديعة، محيي السنة، ومن عظمت به لله علينا المنة، وقامت به على أعدائه الحجة، واستبانت ببركته وهديه المحجة، تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية الحراني، أعلا الله مناره، وشيد من الدين أركانه.


ماذا يقول الواصفون له وصفاته جلت عن الحصر     هو حجة لله قاهرة
هو بيننا أعجوبة الدهر     هو آية في الخلق ظاهرة
أنوارها أربت على الفجر

هذا صورة ما نقل من خط شيخ الإسلام، قاضي القضاة، أوحد علماء الدين، ابن الزملكاني الشافعي، أدام الله تعالى من بركته، ومد في عمره، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. [ ص: 438 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني -أمتع الله المسلمين بطول بقائه-:

الحمد لله الذي علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له باهر البرهان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا يرضى به الرحمن.

سألت -وفقنا الله وإياك- عن معنى حرف «لو»، وكيف يتخرج قول عمر رضي الله عنه: «نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه» على [ ص: 439 ] معناها المعروف؟ وذكرت أن الناس يضطربون في ذلك، واقتضيت الجواب اقتضاء أوجب أن أكتب في ذلك ما حضرني الساعة، مع بعد عهدي بما بلغني ما قاله الناس في ذلك، وأن ليس يحضرني ما أراجعه في ذلك.

فأقول، والله الهادي النصير:

الجواب مرتب على مقدمات:

إحداها: أن حرف «لو» المسؤول عنها من أدوات الشرط، وأن الشرط يقتضي جملتين: إحداهما شرط، والأخرى جزاء وجواب، وربما سمي المجموع شرطا، وسمي أيضا جزاء. ويقال لهذه الأدوات: أدوات الشرط، وأدوات الجزاء.

والعلم بهذا كله ضروري لمن كان له عقل وعلم بلغة العرب، والاستعمال على ذلك أكثر من أن يحصر، كقوله تعالى: ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم [النساء: 46]، ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما [النساء: 64]، [ ص: 440 ] ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا [الأنفال: 23]، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه [الأنعام: 28]، لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا [التوبة: 47]، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء [المائدة: 81].

المقدمة الثانية: أن هذا الذي تسميه النحاة شرطا هو في المعنى سبب لوجود الجزاء، وهو الذي تسميه الفقهاء علة ومقتضيا وموجبا ونحو ذلك؛ فالشرط اللفظي سبب معنوي.

فتفطن لهذا؛ فإنه موضع غلط فيه كثير ممن يتكلم في الأصول والفقه، وذلك أن الشرط في عرف الفقهاء ومن يجري مجراهم مثل أهل الكلام والأصول وغيرهم هو: ما يتوقف تأثير الشرط عليه بعد وجود السبب، وعلامته أنه يلزم من عدمه عدم المشروطـ، ولا يلزم من وجوده وجود المشروط.

ثم هو منقسم إلى:

1 - ما عرف كونه شرطا بالشرع، كقولهم: الطهارة والاستقبال واللباس شرط لصحة الصلاة، والعقل والبلوغ شرط لوجوب الصلاة؛ فإن وجوب الصلاة على العبد يتوقف على العقل والبلوغ، كما تتوقف صحة الصلاة [ ص: 441 ] على الطهارة والستارة واستقبال القبلة، وإن كانت الطهارة والستارة أمورا خارجة عن حقيقة الصلاة.

ولهذا يفرقون بين الشرط والركن بأن الركن جزء من حقيقة العبادة أو العقد، كالركوع والسجود، وكالإيجاب والقبول، وبأن الشرط خارج عنه؛ فإن الطهارة يلزم من عدمها عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من وجودها وجود الصلاة.

وتختلف الشروط في الأحكام باختلافها، كما يقولون في باب الجمعة: منها ما هو شرط للوجوب بنفسه، ومنها ما هو شرط للوجوب بغيره، ومنها ما هو شرط للإجزاء دون الصحة، ومنها ما هو شرط للصحة.

وكلام الفقهاء في الشروط كثير جدا، لكن الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنما يتم على قول من يجوز تخصيص العلة منهم، وأما من لا يسمي علة إلا ما استلزم الحكم، ولزم من وجودها وجوده على كل حال، فهؤلاء يجعلون الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة.

2 - وإلى ما يعرف كونه شرطا بالعقل، وإن دل عليه دلائل أخرى، كقولهم: الحياة شرط في العلم والإرادة والسمع والبصر والكلام، والعلم شرط في الإرادة، ونحو ذلك.

وكذلك جميع صفات الأجسام وطباعها لها شروط تعرف بالعقل أو بالتجارب أو بغير ذلك. [ ص: 442 ]

وقد تسمى هذه شروطا عقلية، والأولى شروطا شرعية.

وقد يكون من هذه الشروط ما يعرف اشتراطه بالعرف.

ومنه ما يعلم باللغة، كما يعرف أن شرط المفعول وجود فاعل، وإن لم يكن شرط الفاعل وجود مفعول، فيلزم من وجود المفعول المنصوب وجود فاعل، ولا ينعكس، بل يلزم من وجود اسم منصوب أو مخفوض وجود مرفوع، ولا يلزم من وجود المرفوع لا منصوب ولا مخفوض؛ إذ الاسم المرفوع مظهرا أو مضمرا لا بد منه في كل كلام عربي، سواء كانت الجملة اسمية أو فعلية.

فقد تبين أن لفظ «الشرط» في هذا الاصطلاح يدل عدمه على عدم المشروط ما لم يخلفه شرط آخر، ولا يدل ثبوته من حيث هو شرط على ثبوت المشروط.

وأما الشرط في الاصطلاح الذي يتكلم به في باب أدوات الشروط اللفظية، سواء كان المتكلم نحويا أو فقيها، وما يتبعه من متكلم وأصولي ونحو ذلك - فإن وجود الشرط يقتضي وجود المشروط الذي هو الجزاء والجواب، وعدم الشرط هل يدل على عدم المشروط؟ مبني على أن عدم العلة هل يقتضي عدم المعلول؟ فيه خلاف وتفصيل قد أومئ إليه إن شاء الله تعالى.

فإذا قال الفقهاء: باب تعليق الطلاق بالشروط، وذكروا فيه ما إذا قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو: إذا، أو: متى، فالشرط هنا [ ص: 443 ] ليس معنى الشرط في قولهم: الطهارة شرط في صحة الصلاة، بل معناه في الطلاق وبابه: أنه إذا وجد الشرط الذي قد تسميه الفقهاء «صفة»، وهو الدخول مثلا، وجد المشروط الذي هو الجزاء، وهو وقوع الطلاق.

وهذا التعليق يدخل فيه ألفاظ الوعد والوعيد، وألفاظ الجعالة، وألفاظ الأدلة المسماة بالتلازم أو بالشرطي المتصل ونحو ذلك.

فمدلول هذه العبارات أن وجود الشرط سبب لوجود الجزاء، ولست أعني أنه مؤثر في وجوده في الخارج، ولكن أعني أن وجود الشرط مستلزم لوجود الجزاء، سواء كان علة له، أو معلولا لعلته، أو دليلا على وجوده، أو مضايفا له، أو ملازما غير مضايف، أو غير ذلك.

فالأول كقوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [الزلزلة: 7]، و إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا [الأنفال: 29]، و إن كنتم تحبون الله فاتبعوني [آل عمران: 31]، و إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا [يونس: 84].

والثاني أقل منه، كما يقال: إن كان هذا من أهل الجنة فهو مؤمن بالله، وإن كان هنا دخان فهنا نار، وفي هذا بحث ليس هذا موضعه.

والثالث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة هلال بن أمية الملاعنة: «إن جاءت به على نعت كذا فهو لهلال، وإن جاءت به على نعت كذا فهو للذي رميت به» ؛ فإن مشابهة الولد للرجل معلول لكونه هو أحبل أمه، وإحبال [ ص: 444 ] الأم علة لكونه ابنه، فيستدل بالشبه الذي هو أحد معلولي الوطء على النسب الذي هو المعلول الآخر. والقيافة والفراسة عامتها من هذا الباب.

وأما الرابع فكما يقال: إن زكيت البينة حكم بها، وإن كان هذا الخبر قد رواه البخاري فهو صحيح، وإن كانت الملامسة في لغة العرب تعم ما دون الوطء فهو حجة في نقض الوضوء بمس النساء، ونحو ذلك. وهذا باب واسع.

والغرض أن يتفطن لكون لفظ الشرط قد صار بتعدد الاصطلاحات فيه اشتراك، وأنا إذا قلنا: «لو» من أدوات الشرط أردنا به الشرط اللفظي الذي هو سبب في المعنى ومستلزم، لا الشرط المعنوي الذي يقف تأثير السبب عليه. فبين المعنيين فرق.

ولولا أني رأيت قوما من الفضلاء قد زلوا في هذا لكان أوضح من أن ننبه عليه؛ فإن منهم من يقسم الشروط إلى: لغوية، وعقلية، وشرعية، ويذكر باب «إن وأخواتها» في القسم اللغوي.

ومورد التقسيم يجب أن يكون مشتركا بين الأقسام، فيشعر أن كل واحد من هذه الشروط ينتفي بانتفائه، ولا يلزم أن يوجد بوجوده، وربما أفصح بذلك. وليس هذا بصحيح. [ ص: 445 ]

والتحقيق أن التقسيم إن كان عائدا إلى اللفظ، كما يقال: «العين» تنقسم إلى مبصرة ومضيئة ونابعة، فقريب، لكن هو خلاف المعروف.

وإن كان عائدا إلى المعنى فهو غلط واضح.

ومنهم من يحتج في كون مفهوم الشرط حجة بكون النحويين قد سموا هذه الأدوات: «أدوات الشرط»، والشرط ما ينتفي المشروط بانتفائه، فيلزم من ذلك عدم الجزاء عند عدم الشرط.

وهذا غلط؛ فإن لفظ الشرط في المقدمة الأولى معناه مغاير لمعنى لفظ الشرط في المقدمة الثانية، وإنما اشتركا في اللفظ، فالشرط الذي يجب انتفاء المشروط بانتفائه هو الشرط المعنوي، وأما الذي يسميه النحويون شرطا في باب «إن» و «لو» ونحوهما فهو سبب مستلزم.

وحكمه هو المقدمة الثالثة: وذلك أن العلة والسبب قد يراد بها:

1 - العلة التامة التي لا ينفك عنها المعلول، كمشيئة الله سبحانه؛ فإنها مستلزمة لوجود المراد، فإنه ما يشاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا ينتقض هذا أبدا.

والعلة بهذا التفسير لا تتخصص، ولا يتخلف عنها معلولها، لا لفوات شرط ولا لوجود مانع. [ ص: 446 ]

2 - وقد يراد بها: العلة المقتضية، وإن توقفت على شروط واندفعت بالمعارض، كما يقال: الأكل والشرب علة للشبع، وإصابة النار علة للاحتراق، ويقال: ملك النصاب علة لوجوب الزكاة، والزنا علة لوجوب الرجم.

وإذا صيغت هذه الأسباب بصيغ الشرط والجزاء، كقوله: من يعمل سوءا يجز به [النساء: 123]، ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا [النساء: 124]، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا [النساء: 30] فإنه يعلم من ذلك أن هذا العمل سبب مقتض للجزاء، ثم يجوز أن يتخلف الحكم عن سببه، لفوات شرط أو لوجود مانع.

ويجوز للمتكلم أن يبين مراده بهذا اللفظ المطلق تقييدا وتخصيصا إذا سوغه اللسان الذي يتكلم به، ولذلك جاز أن ينتفي الجزاء لمعارض، من توبة، أو حسنات ماحية، ونحو ذلك، وانتفاؤه بالتوبة مجمع عليه بين المسلمين، وفي البواقي خلاف بين أهل السنة وبين الوعيدية من الخوارج والقدرية.

ومن فهم هذا انتفت عنه شبه الوعيدية، وعرف سر مسألة إخلاف الوعيد، ومسألة الخصوص والعموم؛ فإن الله قد بين مراده بقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48]، وبقوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده [الشورى: 25]، إلى أمثال ذلك.

إذا عرف ذلك فنقول: أما العلة التامة فإن ثبوتها دليل يقيني على وجود [ ص: 447 ] المعلول، وأما العلة المقتضية فهي دليل ظاهر على وجود المعلول، وقد يصير يقينيا إذا علم انتفاء المعارض بطريقه، فإن ذلك ممكن في الجملة.

وأما عدم العلة فهو المتعلق بباب «لو» كما سنذكره.

فإن عدمت العلة مطلقا فهو دليل على عدم المعلول؛ فإن وجود المعلول بدون العلة محال.

فإن عدمت العلة المعينة، سواء كانت تامة أو مقتضية، فإنه يدل على عدم المعلول إذا لم تخلفها علة أخرى.

ثم عدم الخلف قد يعلم يقينا، ويعلم ظاهرا بدليل خاص من سائر دلائل النفي. وقد ينفى؛ فإن الأصل عدم علة أخرى.

وقد يستقر في النفس أن لا علة إلا هذا الحكم، ثم تستشعر النفس انتفاء العلة، فيحكم بانتفاء المعلول. مثل: أن يقال مثلا في بعض الأشربة المتنازع فيها: هذا ليس بحرام؛ لأنه ليس بمسكر، أو لأنه ليس بخمر، فإنه قد علم أن لا موجب لتحريمه إلا كونه خمرا أو مسكرا.

وهذا يكثر في الأنواع، مثل أن يقال في بيع الفضولي: لا يصح؛ لأنه ليس من مالك ولا ولي ولا وكيل. فكأنه قال: من جملة العلة في صحة البيع الملك أو الولاية أو الوكالة، والثلاثة منتفية. والنزاع في المقدمة الأولى.

ويقال لمن يعطي الفقراء أو الفقهاء: لم لا تعطي هذا؟ فيقول: لأنه ليس بفقير وليس بفقيه. وهذا مضموم إلى مقدمة مستقرة، وهو أن العلة هي الفقر [ ص: 448 ] مثلا أو الفقه، لا علة غيرها، وهي منتفية.

ويقول الفقهاء: إذا قال لامرأته: إن كلمت أسودا فأنت طالق، فكلمت أبيض لم تطلق؛ أي: لانتفاء العلة، وهي مقتضية لعدم المعلول، فإنا ما تكلمنا إلا في انتفاء الطلاق الواقع بهذه العلة.

ثم هنا مسألة مفهوم الشرط، إذا قيل: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [الحجرات: 6]، هل يشعر عدم هذا الشرط اللفظي الذي هو سبب معنوي بعدم المشروط؟ وفيه الخلاف المشهور، والجمهور على أنه يدل على عدمه. ولا ريب أن عدم هذا الحكم المعلق بالشرط ينتفي؛ لأن بقاء عين الحكم بدون علة محال.

لكن هل ينتفي النوع؟ فالذي يجب القطع به أن نوع الحكم لا يكون حاله بعد انتفاء السبب المعين وقبل انتفائه سواء، ومتى فرض استواء الأمرين على مذهب علم بطلانه، لكن يدل على نفي النوع دلالة ظاهرة، بشرط أن لا يخلفه سبب آخر.

ثم إن كان السبب الخالف جزءا من المخلوف كان ضعيفا؛ فإن الأعم إذا كان مستقلا بالحكم كان الأخص عديم التأثير، كما في قوله: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ، فإن كونه واحدا جزء من كونه فاسقا، فلو كان التبين واجبا عند مجيء الواحد سواء كان عدلا أو فاسقا لم يعلق التبين بكونه فاسقا الذي هو الأخص من كونه واحدا. [ ص: 449 ]

فهذا الاستدلال بعدم العلة لفظا أو معنى على عدم المعلول.

وقد يجعل عدم العلة المعينة دليلا على ثبوت المعلول بعلة أخرى أكمل منها أو مثلها، وذلك إذا كانت العلتان متعاقبتين على محل، فعدم إحداهما مستلزم لثبوت الأخرى، وثبوتها مستلزم للمعلول، فيصير عدم العلة المعينة مقتضيا للمعلول، لكن بهذه الواسطة، وهي واسطة ثبوت العلة الأخرى.

ومن هنا يزول الإشكال في باب «لو» و «لولا» كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية