الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الركن الثالث : المضمون عنه ، وفي الجواهر : لا يشترط رضاه بل يؤدي دين غيرك بغير إذنه ، ووافقنا ( ش ) وابن حنبل في عدم اشتراط رضاه واشترطه ( ح ) ; لأنه إثبات مال لآدمي فلم يثبت إلا برضاه كالبيع يشترط فيه رضا كل من يتعلق به ذلك المال من منقول إليه ومنقول عنه وهو يشترط رضا الثلاثة كلاهما مع الضامن ، ولا يشترط أمر المكفول ، وقال : لا يطالبه الكفيل قبل أن يؤدي عنه ; لأن دفعه في معنى القرض ، ونحن لا نشترط إلا رضا الضامن ; لأنه المتبرع والباذل لماله ، وقد تقدم في الركن الثاني : الفرق بينه وبين البيع .

                                                                                                                لنا : ما رواه أبو قتادة الأنصاري فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقبلت جنازة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل على صاحبكم من دين ؟ فقالوا : عليه ديناران ، فقال : صلوا على صاحبكم ، فقال أبو قتادة : هما علي يا رسول الله ، فصلى صلى الله عليه وسلم . وروى أبو سعيد الخدري قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما وضعت قال : هل على صاحبكم من دين ؟ قالوا : عليه درهمان ، فقال صلوا على صاحبكم ، فقال علي رضي الله عنه : هما علي يا رسول الله ، وأنا لهما ضامن ، فصلى صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ من صلاته التفت إليه فقال له : جزاك الله عن الإسلام خيرا ، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك . ولأنه معنى لا يمنع بقاء الضمان فلا يمنع ابتداءه كالجنون ، والجواب على الحديثين أن معناهما أن عليا وأبا قتادة رضي الله [ ص: 202 ] عنهما ضمنا الإيصال فوثق رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما لأنهما تكفلا .

                                                                                                                فائدة : امتناعه صلى الله عليه وسلم من الصلاة يدل على أن الميت كان عاصيا بسبب الدين ، مع أن المداينة جائزة ، ولا سيما وفي بعض الأحاديث : الآن بردت جلدة صاحبك . ويدل أيضا على أن هذا الذنب كبيرة ، فإن هذا الزجر العظيم إنما يكون بسبب كبيرة ، وإلا فما من ميت إلا وله صغيرة بل صغائر ، وأجاب العلماء عنه أربعة أجوبة :

                                                                                                                أحدها : أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك إحسانا لا زجرا ليبادر الناس إلى قضاء الدين عن المعسر .

                                                                                                                وثانيهما : ليكف المعسرون عن المداينة بحسب الإمكان .

                                                                                                                وثالثهما : أن المداينة لم تكن مشروعة في أول الإسلام لأجل الضيق ، فلما فتحت الفتوحات شرعت للتمكن من الأداء حينئذ .

                                                                                                                ورابعها : أن صلاته تقضي الرحمة والمغفره وتكفير الذنوب ، ومع الدين لا يحصل فكاك منه إلى يوم القيامة ; لأن حق الآدمي لا يسقطه إلا صاحبه أو يأخذه ، ولذلك قال في حديث أنس : هل عليه دين ؟ قالوا : نعم . قال : فما تنفعه صلاتي وذمته مرتهنة بدينه ، فلو قام أحدكم فضمنه فصليت عليه كانت صلاتي تنفعه . وفي هذا الركن خمس مسائل :

                                                                                                                الأولى ، في الكتاب : إذا أديت حقا عليه بغير أمره رجعت عليه أو أديت عن صبي ما قضى عليه به بغير أمر وليه رجعت به في مال الصبي ، وكذلك ما لزمه من قيمة متلف ، أو أتلفه أو أفسده أو أخذه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية