الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      التائبون رفع على المدح، أي: هم التائبون، يعني: المؤمنين المذكورين، كما يدل عليه القراءة بالياء نصبا على المدح، ويجوز أن يكون مجرورا على أنه صفة للمؤمنين، وقد جوز الرفع على الابتداء والخبر محذوف، أي: التائبون من أهل الجنة أيضا، وإن لم يجاهدوا، كقوله تعالى: وكلا وعد الله الحسنى ويجوز أن يكون خبره قوله تعالى: العابدون وما بعده خبر بعد خبر، أي: التائبون من الكفر على الحقيقة هم الجامعون لهذه النعوت الفاضلة، أي: المخلصون في عبادة الله تعالى الحامدون لنعمائه، أو لما نابهم من السراء والضراء السائحون الصائمون لقوله - صلى الله عليه وسلم - "سياحة أمتي الصوم» شبه بها؛ لأنه عائق عن الشهوات، أو لأنه رياضة نفسانية يتوسل بها إلى العثور على خفايا الملك والملكوت، وقيل: هم السائحون في الجهاد وطلب [ ص: 107 ] العلم.

                                                                                                                                                                                                                                      الراكعون الساجدون في الصلاة الآمرون بالمعروف بالطاعة والإيمان والناهون عن المنكر عن الشرك والمعاصي، والعطف فيه للدلالة على أن المتعاطفين بمنزلة خصلة واحدة، وأما قوله تعالى: والحافظون لحدود الله أي: فيما بينه وعينه من الحقائق والشرائع عملا وحملا للناس عليه فلئلا يتوهم اختصاصه بأحد الوجهين.

                                                                                                                                                                                                                                      وبشر المؤمنين أي: الموصوفين بالنعوت المذكورة، ووضع المؤمنين موضع ضميرهم للتنبيه على أن ملاك الأمر هو الإيمان، وأن المؤمن الكامل من كان كذلك، وحذف المبشر به للإيذان بخروجه عن حد البيان، وفي تخصيص الخطاب بالأولين إظهار زيادة اعتناء بأمرهم من الترغيب والتسلية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية