الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

وأما المياه الجارية ، فما كان نابعا من غير ملك كالأنهار الكبار وغير ذلك ، لم يملك بحال ، ولو دخل إلى أرض رجل ، لم يملكه بذلك وهو كالطير يدخل إلى أرضه ، فلا يملك بذلك ، ولكل واحد أخذه وصيده ، فإن جعل له في أرضه مصنعا أو بركة يجتمع فيها ، ثم يخرج منها ، فهو كنقع البئر سواء ، وفيه من النزاع ما فيه وإن كان لا يخرج منها ، فهو أحق به للشرب والسقي ، وما فضل عنه فحكمه حكم ما تقدم .

وقال الشيخ في " المغني " : وإن كان ماء يسير في البركة لا يخرج منها ، فالأولى أنه يملكه بذلك على ما سنذكره في مياه الأمطار .

ثم قال : فأما المصانع المتخذة لمياه الأمطار تجتمع فيها ونحوها من البرك وغيرها ، فالأولى أن يملك ماؤها ، ويصح بيعه إذا كان معلوما ؛ لأنه مباح حصله في شيء معد له ، فلا يجوز أخذ شيء منه إلا بإذن مالكه .

وفي هذا نظر ، مذهبا ودليلا ، أما المذهب ، فإن أحمد قال : إنما نهى عن بيع فضل ماء البئر والعيون في قراره ، ومعلوم أن ماء البئر لا يفارقها ، فهو كالبركة التي اتخذت مقرا كالبئر سواء ، ولا فرق بينهما ، وقد تقدم من نصوص أحمد ما يدل على المنع من بيع هذا ، وأما الدليل فما تقدم من النصوص التي سقناها ، وقوله في الحديث الذي رواه البخاري في وعيد الثلاثة : ( والرجل على فضل ماء يمنعه ابن السبيل ) ولم يفرق بين أن يكون ذلك الفضل في أرضه المختصة به ، أو في الأرض المباحة ، وقوله : ( الناس شركاء في ثلاث ) ولم يشترط في هذه الشركة كون مقره مشتركا ، وقوله وقد سئل : ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ فقال : الماء ، ولم يشترط كون مقره مباحا ، فهذا مقتضى الدليل في هذه المسألة أثرا ونظرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية