الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أحدها : أن الله سبحانه وتعالى قديم واحد لا شريك له في ملكه ولا ند ولا ضد ولا وزير ولا مشير ولا ظهير ولا شافع إلا من بعد إذنه .

الثاني : أنه لا والد له ولا ولد ولا كفؤ ولا نسيب بوجه من الوجوه ولا زوجة .

[ ص: 523 ] الثالث : أنه غني بذاته فلا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج إلى شيء مما يحتاج إليه خلقه بوجه من الوجوه .

الرابع : أنه لا يتغير ولا تعرض له الآفات من الهرم والمرض والسنة والنوم والنسيان والندم والخوف والهم والحزن ونحو ذلك .

الخامس : أنه لا يماثل شيئا من مخلوقاته بل ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته .

السادس : أنه لا يحل في شيء من مخلوقاته ، ولا يحل في ذاته شيء منها ، بل هو بائن عن خلقه بذاته ، والخلق بائنون عنه .

السابع : أنه أعظم من كل شيء وأكبر من كل شيء وفوق كل شيء وغالب على كل شيء وليس فوقه شيء ألبتة .

الثامن : أنه قادر على كل شيء فلا يعجزه شيء يريده بل هو الفعال لما يريد .

التاسع : أنه علام بكل شيء ، يعلم السر وأخفى ويعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس ولا ساكن ولا متحرك إلا وهو يعلمه على حقيقته .

العاشر : أنه سميع بصير يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على [ ص: 524 ] تفنن الحاجات ، ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، قد أحاط سمعه بجميع المسموعات ، وبصره بجميع المبصرات ، وعلمه بجميع المعلومات ، وقدرته بجميع المقدورات ، ونفذت مشيئته في جميع البريات ، وعمت رحمته جميع المخلوقات ، ووسع كرسيه الأرض والسماوات .

الحادي عشر : أنه الشاهد الذي لا يغيب ولا يستخلف أحدا على تدبير ملكه ، ولا يحتاج إلى من يرفع إليه حوائج عباده أو يعاونه عليها ، أو يستعطفه عليهم ويسترحمه لهم .

الثاني عشر : أنه الأبدي الباقي الذي لا يضمحل ولا يتلاشى ولا يعدم ولا يموت .

الثالث عشر : أنه المتكلم المكلم الآمر الناهي قائل الحق وهادي السبيل ومرسل الرسل ومنزل الكتب والقائم على كل نفس بما كسبت من الخير والشر ، ويجازي المحسن على إحسانه ، والمسيء بإساءته .

الرابع عشر : أنه الصادق في وعده وخبره ، فلا أصدق منه قيلا . ولا أصدق منه حديثا ، وهو لا يخلف الميعاد .

الخامس عشر : أنه تعالى صمد ، بجميع معاني الصمدية ، فيستحيل عليه ما يناقض صمديته .

السادس عشر : أنه قدوس سلام ، فهو المبرأ من كل عيب ونقص وآفة .

السابع عشر : أنه الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه .

[ ص: 525 ] الثامن عشر : أنه العدل الذي لا يجور ولا يظلم ولا يخاف عباده منه ظلما .

فهذا مما اتفقت عليه جميع الكتب والرسل ، وهو من المحكم الذي لا يجوز أن تأتي شريعة بخلافه ولا يخبر نبي بخلافه أصلا .

فترك المثلثة عباد الصليب هذا كله ، وتمسكوا بالمتشابه من المعاني والمجمل من الألفاظ ، وأقوال من ضلوا من قبل ، وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل .

وأصول المثلثة ومقالتهم في رب العالمين تخالف هذا كله أشد المخالفة وتباينه أعظم المباينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية