الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما سأل القبول سأل الزيادة عليه بقوله : ربنا على ما مضى من طرز دعاء المقربين بإسقاط أداة البعد واجعلنا أي : أنا وابني هذا الذي أعانني مسلمين لك ومن ذريتنا قال الحرالي : لما تحقق مرجو الإيمان في ذريته في قوله : من آمن منهم طلب التكملة بإسلام الوجه والمسألة له ولابنه ولمن رزق الإيمان من ذريته وذرية ابنه ، فإن الإسلام لما كان ظاهر الدين كان سريع الانثلام لأجل مضايقة أمر [ ص: 160 ] الدنيا ، وإنما يتم الإسلام بسلامة الخلق من يد العبد ولسانه والإلقاء بكل ما بيده لربه مما ينازع فيه وجود النفس ومتضايق الدنيا ، ولذلك هو مطلب لأهل الصفوة في خاتمة العمر ليكون الخروج من الدنيا عن إلقاء للحق وسلام للخلق كما قال يوسف عليه السلام توفني مسلما وطلب بقوله : أمة مسلمة لك أن يكونوا بحيث يؤم بعضهم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المسلم مضطرا إلى العلم قال : وأرنا مناسكنا وفي ذلك ظهور لشرف عمل الحج حيث كان متلقي عن الله بلا واسطة لكونه علما على آتي يوم الدين حيث لا واسطة هناك بين الرب والعباد .

                                                                                                                                                                                                                                      والمنسك مفعل من النسك وهو ما يفعل قربة وتدينا . تشارك حروفه حرف السكون ، قاله الحرالي . ولما كان الإنسان محل العجز فهو أضر شيء إلى التوفيق قال : وتب علينا إنباء بمطلب التوبة إثر الحسنة كما هو مطلب العارفين بالله المتصلين بالحسنات رجعا بها إلى من له الخلق والأمر ، ثم علل طمعه في ذلك بأن عادته تعالى التطول والفضل فقال : إنك أنت التواب أي : الرجاع بعباده إلى موطن النجاة من حضرته بعد ما سلط عليهم عدوهم بغوايته ليعرفوا فضله عليهم وعظيم قدرته ثم أتبعه [ ص: 161 ] وصفا هو كالتعليل له فقال : الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية