الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إن لله مائة اسم إلا واحدا قال ابن عباس ذو الجلال العظمة البر اللطيف

                                                                                                                                                                                                        6957 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة أحصيناه حفظناه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب إن لله مائة اسم إلا واحدا ) ذكر فيه حديث أبي هريرة أن لله تسعة وتسعين اسما ، وقد تقدم شرحه في " كتاب الدعوات " وبيان من رواه باللفظ المذكور في هذه الترجمة ، ووقع هنا في رواية الكشميهني مائة إلا واحدا بالتذكير ، ومائة في الحديث بدل من قوله تسعة وتسعين ، فعدل في الترجمة من البدل إلى المبدل وهو فصيح ويستفاد منه زيادة توضيح ولأن ذكر العقد أعلى من ذكر الكسور ، وأول العقود العشرات ، وثانيها المائة فلما قاربت العدة أعطيت حكمها ، وجبر الكسر بقوله " مائة ثم أراد التحقق في العدد فاستثنى ، ولو لم يستثن لكان استعمالا غريبا سائغا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : قال ابن عباس : ذو الجلال العظمة ) في رواية الكشميهني العظيم ، وعلى الأول ففيه تفسير " الجلال " بالعظمة وعلى الثاني هو تفسير ذو الجلال .

                                                                                                                                                                                                        قوله : البر اللطيف ) هو تفسير ابن عباس أيضا وقد تقدم الكلام عليه وبيان من وصله عنه في تفسير سورة الطور .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 390 ] قوله : اسما ) قيل معناه تسمية وحينئذ لا مفهوم لهذا العدد بل له أسماء كثيرة غير هذه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أحصيناه حفظناه ) تقدم الكلام عليه وعلى معنى الإحصاء وبيان الاختلاف فيه في " كتاب الدعوات " قال الأصيلي : الإحصاء للأسماء العمل بها لا عدها وحفظها ؛ لأن ذلك قد يقع للكافر المنافق كما في حديث الخوارج يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، وقال ابن بطال الإحصاء يقع بالقول ويقع بالعمل فالذي بالعمل أن لله أسماء يختص بها كالأحد والمتعال والقدير ونحوها ، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها ، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها : كالرحيم والكريم والعفو ونحوها ، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها فبهذا يحصل الإحصاء العملي ، وأما الإحصاء القولي فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها ولو شارك المؤمن غيره في العد والحفظ ، فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان والعمل بها . وقال ابن أبي حاتم في " كتاب الرد على الجهمية " : ذكر نعيم بن حماد أن الجهمية قالوا : إن أسماء الله مخلوقة ؛ لأن الاسم غير المسمى ، وادعوا أن الله كان ولا وجود لهذه الأسماء ، ثم خلقها ثم تسمى بها ، قال فقلنا لهم : إن الله قال سبح اسم ربك الأعلى وقال ذلكم الله ربكم فاعبدوه فأخبر أنه المعبود ودل كلامه على اسمه بما دل به على نفسه ، فمن زعم أن اسم الله مخلوق فقد زعم أن الله أمر نبيه أن يسبح مخلوقا ، ونقل عن إسحاق ابن راهويه عن الجهمية أن جهما قال : لو قلت إن لله تسعة وتسعين اسما لعبدت تسعة وتسعين إلها ، قال فقلنا لهم : إن الله أمر عباده أن يدعوه بأسمائه ، فقال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها والأسماء جمع أقله ثلاثة ولا فرق في الزيادة على الواحد بين الثلاثة وبين التسعة والتسعين .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية