الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2133 باب: من أختم بالحج ومعه الهدي

                                                                                                                              وذكره النووي في: (باب بيان وجوه الإحرام إلخ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 166 - 167 ج8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [وحدثنا ابن نمير. ، حدثنا أبو نعيم. ، حدثنا موسى بن نافع. قال: قدمت مكة متمتعا بعمرة، قبل التروية بأربعة أيام. فقال الناس: تصير حجتك الآن مكية. فدخلت على عطاء بن أبي رباح، [ ص: 292 ] فاستفتيته. فقال عطاء: حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنهما) ؛ أنه حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ساق الهدي معه. وقد أهلوا بالحج مفردا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلوا من إحرامكم. فطوفوا بالبيت، وبين الصفا والمروة. وقصروا. وأقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية، فأهلوا بالحج. واجعلوا التي قدمتم بها متعة".

                                                                                                                              قالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمينا الحج؟ قال: "افعلوا ما آمركم به. فإني لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به. ولكن لا يحل مني حرام، {حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا "
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن موسى بن نافع قال: قدمت مكة متمتعا بعمرة، قبل التروية بأربعة أيام، فقال الناس: تصير حجتك الآن مكية. فدخلت على عطاء بن أبي رباح ، فاستفتيته. فقال عطاء : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أنه حج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عام ساق الهدي معه. وقد أتموا بالحج مفردا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "أحلوا من إحرامكم. فطوفوا بالبيت ، وبين الصفا والمروة . وقصروا، وأقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية") . وهو: الثامن من ذي الحجة [ ص: 293 ] "وفيه": أن من كان بمكة ، وأراد الحج، إنما يحرم به من يوم التروية . وبه قال الشافعي وموافقوه.

                                                                                                                              (فأهلوا بالحج. واجعلوا التي قدمتم بها متعة) .

                                                                                                                              قال النووي : هذا الكلام، فيه تقديم وتأخير. وتقديره: وقد أهلوا بالحج مفردا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا إحرامكم عمرة. وتحللوا بعمل العمرة. وهو معنى: (فسخ الحج إلى العمرة) .

                                                                                                                              (قالوا: كيف نجعلها متعة، وقد سمينا الحج؟ قال: "افعلوا ما آمركم به. فإني لولا أني سقت الهدي، لفعلت مثل الذي أمرتكم به. ولكن لا يحل مني حرام، حتى يبلغ الهدي محله، ففعلوا) .

                                                                                                                              "فيه": دليل ظاهر للشافعي ، ومالك ، في ترجيح الإفراد، وأن غالبهم كانوا محرمين بالحج.

                                                                                                                              قال النووي : ويتأول رواية من روى (متمتعين): أنه أراد في آخر الأمر: صاروا متمتعين. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: حجه -صلى الله عليه وسلم -، وإن اختلفت الأحاديث في بيان نوعه، فقد تواتر أنه: حج (قرانا). وبلغت الأحاديث في ذلك زيادة على عشرين حديثا. من طريق سبعة عشر صحابيا. ولم يرد ما يصلح لمعارضة بعض هذه الأحاديث، فضلا عن كلها.

                                                                                                                              [ ص: 294 ] فمن جعل وجه التفضيل لأحد أنواع الحج: هو أنه -صلى الله عليه وسلم - حج بنوع كذا، وأن الله سبحانه، لا يختار لرسوله -صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان فاضلا على غيره: فقد كان حجه -صلى الله عليه وسلم - (قرانا). فيكون (القران) أفضل أنواع الحج .

                                                                                                                              ولكنه قد ثبت من حديث جابر هذا، وحديث آخر عنه، في الصحيحين وغيرهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما سقت الهدي. ولجعلتها عمرة" . فدل على: أن (التمتع) أفضل، من القران ومن الإفراد.

                                                                                                                              قال في (السيل): وقد سقت المذاهب والأدلة، في شرحي (للمنتقى) ، مما لا يحتاج الناظر إلى الرجوع إلى غيره. فالإحالة عليه أولى. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وفي الحديث دليل، على جواز فسخ الحج إلى العمرة أيضا.




                                                                                                                              الخدمات العلمية