الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 70 ] ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      ألم يأتهم أي : بطريق التواتر نبأ أي : خبر الذين من قبلهم وهو إهلاكهم بعد تنعيمهم لكفرهم قوم نوح أنعم عليهم بنعم ، منها تطويل أعمارهم ، ثم أهلكوا بالطوفان وعاد قوم هود ، أنعم عليهم بنعم منها مزيد قوتهم ، ثم أهلكوا بالريح وثمود قوم صالح ، أنعم عليهم بنعم ، منها القصور ، ثم أهلكوا بالرجفة وقوم إبراهيم أهلكوا بالهدم - كذا في ( " التنوير " ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال المهايمي : أنعم عليهم بنعم منها عظم الملك ، ثم أهلك ملكهم نمرود بالبعوض الداخل في أنفه وأصحاب مدين قوم شعيب ، أنعم عليهم بنعم ، منها التجارة ، ثم أهلكهم بإفاضة النار عليهم والمؤتفكات قريات قوم لوط ، ائتفكت بهم ، أي : انقلبت بهم ، فصار عاليها سافلها ، وأمطروا حجارة من سجيل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3200 ] وقوله تعالى : أتتهم رسلهم بالبينات استئناف لبيان نبئهم ، أن جاءتهم بالآيات الدالة على رسالتهم فما كان الله ليظلمهم أي : بإهلاكه إياهم ، لأنه أقام عليهم الحجة ، بإرسال الرسل ، وإزاحة العلل .

                                                                                                                                                                                                                                      والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويستدعيه النظام ، أي : فكذبهم فأهلكهم الله تعالى ، فما ظلمهم بذلك ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أي : بالكفر والتكذيب ، وترك شكره تعالى ، وصرفهم نعمه إلى غيره ما أعطاهم إياهم لأجله ، فاستحقوا ذلك العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية