الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

وليس منه بيع المسك في فأرته ، بل هو نظير ما مأكوله في جوفه كالجوز واللوز والفستق وجوز الهند ، فإن فأرته وعاء له تصونه من الآفات ، وتحفظ عليه رطوبته ورائحته ، وبقاؤه فيها أقرب إلى صيانته من الغش والتغير ، والمسك الذي في الفأرة عند الناس خير من المنفوض ، وجرت عادة التجار ببيعه وشرائه فيها ، ويعرفون قدره وجنسه معرفة لا تكاد تختلف ، فليس من الغرر في شيء ، فإن الغرر هو ما تردد بين الحصول والفوات ، وعلى القاعدة الأخرى : هو ما طويت معرفته ، وجهلت عينه ، وأما هذا ونحوه فلا يسمى غررا لا لغة ولا شرعا ولا عرفا ، ومن حرم بيع شيء ، وادعى أنه غرر ، طولب بدخوله في مسمى الغرر لغة وشرعا ، وجواز بيع المسك في الفأرة أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ، وهو الراجح دليلا ، والذين منعوه جعلوه مثل بيع النوى في التمر ، والبيض في الدجاج ، واللبن في الضرع ، والسمن في الوعاء ، والفرق بين النوعين ظاهر .

[ ص: 729 ] ومنازعوهم يجعلونه مثل بيع قلب الجوز واللوز والفستق في صوانه ؛ لأنه من مصلحته ، ولا ريب أنه أشبه بهذا منه بالأول ، فلا هو مما نهى عنه الشارع ، ولا في معناه ، فلم يشمله نهيه لفظا ولا معنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية