الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 2 ] [ ص: 3 ] فصل

قال الرازي: الفصل الخامس في لفظ اللقاء، قال الله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم [البقرة: 46]. وقال: فمن كان يرجو لقاء ربه [الكهف: 110]. وقال: بل هم بلقاء ربهم كافرون [السجدة: 10].

وأما الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه». قالوا: واللقاء من [ ص: 4 ] صفات الأجسام، يقال: التقى الجيشان: إذا قرب أحدهما من الآخر في المكان. قال: واعلم أنه لما ثبت بالدليل أنه تعالى ليس بجسم، وجب حمل هذا اللفظ على أحد وجهين:

أحدهما: أن من لقي إنسانا أدركه، وأبصره، فكان المراد [ ص: 5 ] من اللقاء هو: الرؤية، إطلاقا لاسم السبب على المسبب.

والثاني: أن الرجل إذا حضر عند ملك، ولقيه، دخل هناك تحت حكمه، وقهره، دخولا لا حيلة له في دفعه، فكان ذلك اللقاء: سببا لظهور قدرة الملك عليه على هذا الوجه.

فلما ظهرت قدرته وقوته، وقهره، وشدة بأسه في ذلك اليوم عبر عن تلك الحالة باللقاء، والذي يدل على صحة قولنا: إن أحدا لا يقول بأن الخلائق تلاقي ذواتهم ذات الخالق على سبيل المجاورة، ولما بطل حمل اللقاء على المماسة والمجاورة، لم يبق إلا ما ذكرناه. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية