الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1122 ] سياق

                    ما روي في أن القاتل عمدا له توبة وتفسير قوله تعالى : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) ، وأنها منسوخة بقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به )

                    وروي ذلك عن عمر ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، [ ص: 1123 ] وإحدى الروايتين عن ابن عباس .

                    ومن التابعين مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وأبي مجلز لاحق بن حميد .

                    1954 - أنا محمد بن الحسين بن محمد بن يعقوب ، أنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال : نا جعفر بن محمد بن اليمان قال : نا شيبان بن فروخ قال : نا يحيى بن كثير ، عن غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر قال :

                    ( كنا نرى أن من قتل مؤمنا فقد وجبت له النار ، ومن أكل مال يتيمه فقد وجبت له النار ، ومن يأكل الربا فقد وجبت له النار ، حتى أنزل الله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .

                    فلم ندر من يدخل في مشيئة الله ، ومن يخرج منها فكففنا ورجونا ) .

                    1955 - أنا الحسين بن عثمان ، أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم قال : نا الحسين القطان قال : نا عمر بن يزيد السياري قال : مسلم بن [ ص: 1124 ] خالد الزنجي قال : نا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :

                    ( كنا نبت على القاتل حتى نزلت : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فأمسكنا ) .

                    * عمر رضي الله عنه :

                    1956 - أنا عبد الواحد بن علي بن غياث قال : أنا الحسين بن يحيى قال : نا إبراهيم بن مجشر قال : نا أبو بكر بن عياش قال : سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول :

                    جاء رجل إلى عمر فقال : يا أمير المؤمنين ، إن قتلت ، فهل لي من توبة ؟ فقرأ عليه : ( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ) . ثم قال له : اعمل ولا تيأس ) .

                    * ابن عباس رضي الله عنهما :

                    1957 - أنا علي بن محمد بن عيسى قال : أنا علي بن محمد بن أحمد الواعظ قال : نا محمد بن زيدان قال : نا سعيد بن أبي مريم قال : نا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال : أخبرني زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس :

                    ( أنه جاءه رجل فقال : إني خطبت امرأة فأبت تنكحني وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة ؟ قال : " أمك حية ؟ " قال : لا قال : تب إلى الله عز وجل وتقرب إليه ، فذهب الرجل .

                    قال عطاء : فسألت ابن عباس عن حياة أمه ، فقال : إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة ) .

                    1958 - وأنا محمد بن جعفر ، أنا عبيد الله بن ثابت قال : نا [ ص: 1125 ] أحمد بن منصور قال : نا عبد الله بن صالح قال : نا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .

                    ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) فقال : أخبر الله تعالى عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته ، فمن أذنب ذنبا صغيرا أو كبيرا ، ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ، ولو كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال ) .

                    1959 - أنا عبيد الله بن أحمد ، أنا الحسين بن إسماعيل قال : نا يعقوب الدورقي قال : نا ابن علية ، عن الجريري ، عن ثمامة بن حزن قال :

                    ( كنت مع أبي فسأل رجل عبد الله بن عمرو فقال : من كل ذنب توبة يقبل الله التوبة ؟ قال : نعم ) .

                    1960 - أنا محمد بن الحسين بن الفضل الهاشمي قال : نا عبد الملك بن أحمد بن عبد الرحمن قال : أنا حفص بن عمرو قال : نا عبد الرحمن بن مهدي قال : نا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال :

                    ( لقاتل المؤمن توبة ) .

                    1961 - وأنا علي بن عمر بن إبراهيم قال : نا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان قال : نا أبو سلمة أسامة بن أحمد التجيبي بمصر قال : كتب إلي أحمد بن أبي ناجية قال : نا ضمرة ، عن سفيان الثوري ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير قال :

                    ( ما أعلم لقاتل المؤمن توبة إلا الاستغفار ) .

                    1962 - ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : أنا أبي قال : نا العلاء بن ميمون العنزي قال : نا الحجاج الأسود ، عن محمد بن سيرين ، [ ص: 1126 ] عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) قال صلى الله عليه وسلم : ( هو جزاؤه إن جازاه ) .

                    1963 - وروي عن أبي صالح ، وعون بن عبد الله بن عتبة ، وعمرو بن دينار ، ومحمد بن سيرين ، وأبي مجلز مثله .

                    1964 - وروى عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير :

                    ( أنها نزلت في مقيس بن صبابة حين قتل الفهري ، وكان بعثه النبي صلى الله عليه وسلم معه ؛ ليأخذ دية أخيه فأنزل الله فيه ) .

                    1965 - أنا أحمد بن عبيد ، أنا علي بن مبشر قال : نا أحمد بن سنان قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا همام ، عن قتادة قال : حدثني أبو الصديق الناجي ، أن أبا سعيد الخدري حدثهم قال :

                    ( لا أحدثكم إلا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ، ووعاه قلبي أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ، ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فأتاه ، فقال : إني قتلت تسعة وتسعين نفسا ، فهل له من توبة ؟ فقال : أبعد قتل تسعة وتسعين نفسا ؟ قال : فانتضى سيفه فقتله فأكمل به مائة قال : ثم عرضت له التوبة ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدل على رجل فأتاه ، فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ قال : من يحول بينك وبين التوبة ؟ اخرج [ ص: 1127 ] من القرية الخبيثة التي أنت فيها إلى القرية الصالحة كذا وكذا ، فاعبد ربك فيها قال : فخرج فعرض له أجله في الطريق ، فاختصمت فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة ، فقال إبليس لم يعصني ساعة قط ، فقالت ملائكة الرحمن ، فإنه خرج تائبا ) .

                    قال همام : فحدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني ، عن أبي رافع قال : فبعث الله ملكا فاختصموا إليه - ثم رجع إلى حديث قتادة - قال قتادة : انظروا إلى أي القريتين كان أقرب ، فألحقوه بأهلها - قال قتادة : فحدثنا الحسن أنه لما عرف الموت احتضر بنفسه ، فقرب الله منه القرية الصالحة ، وباعد منه القرية الخبيثة فألحقه بأهلها
                    ) .

                    أخرجه مسلم من حديث شعبة وسعيد ، عن قتادة .

                    1966 - أنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال : نا عبد الله بن محمد بن زياد قال : نا موهب بن يزيد بن خالد قال : ضمرة قال : حدثني إبراهيم بن أبي عبلة ، عن : \ح\ :

                    1967 - وأنا القاسم بن جعفر ، ثنا محمد بن أحمد بن عمرو قال : نا سليمان بن الأشعث قال : نا عيسى بن محمد الرملي قال : نا ضمرة ، عن ابن أبي عبلة ، عن الغريف بن الديلمي قال :

                    ( أتيت واثلة بن الأسقع فقلنا له : حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان ، فغضب وقال : إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص ، فقلنا : إنما أردنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

                    ( أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا أوجب - يعني بالقتل النار - [ ص: 1128 ] فقال : أعتقوا عنه ، يعتق الله كل عضو منه عضوا منه من النار ) .

                    واللفظ لحديث عيسى بن محمد - زاد موهب - ( وحتى إن فرجه بفرجه ) .

                    1968 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : أنا أبو كريب قال : نا أبو معاوية ، عن محمد بن سوقة ، عن أبي بكر بن حفص ، عن ابن عمر قال :

                    ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألك والدة ؟ قال : لا قال : ألك خالة ؟ قال : نعم قال : فبرها ) .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية