الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 270 ] النوع الحادي والثلاثون

معرفة الغريب والعزيز من الحديث

روينا عن ‏أبي عبد الله بن منده الحافظ الأصبهاني أنه قال : " ‏الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم ، إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى‏ غريبا ، فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة ، واشتركوا في حديث يسمى‏ عزيزا ، فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي‏ مشهورا " . ‏

قلت‏ : الحديث الذي يتفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب ، وكذلك الحديث الذي يتفرد فيه بعضهم بأمر لا يذكره فيه غيره‏ : إما في متنه ، وإما في إسناده‏ ، وليس كل ما يعد من أنواع الأفراد معدودا من أنواع الغريب ، كما في الأفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه‏ . ‏

ثم إن الغريب ينقسم إلى‏ صحيح ، كالأفراد المخرجة في الصحيح ، [ ص: 271 ] وإلى غير صحيح ، وذلك هو الغالب على الغريب‏ . ‏

روينا عن ‏أحمد بن حنبل‏ - رضي الله عنه - أنه قال غير مرة‏ : " لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرايب ، فإنها مناكير ، وعامتها عن الضعفاء‏ " . ‏

وينقسم الغريب أيضا من وجه آخر‏ :

فمنه ما هو ( غريب متنا وإسنادا ) وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد . ‏

ومنه ما هو ( غريب إسنادا لا متنا ) كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة ، إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي آخر‏ كان غريبا من ذلك الوجه مع أن متنه غير غريب‏ . ‏

ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة‏ ، وهذا الذي يقول فيه ‏الترمذي‏ ‏‏ : " غريب من هذا الوجه‏ " . ‏

ولا أرى هذا النوع ينعكس ، فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا ، إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به ، فرواه عنه عدد كثيرون ، فإنه يصير غريبا مشهورا ، وغريبا متنا وغير غريب إسنادا ، لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد‏ ، فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول ، متصف بالشهرة في طرفه الآخر ، كحديث‏ : " إنما الأعمال بالنيات‏ " وكسائر الغرائب التي اشتملت [ ص: 272 ] عليها التصانيف المشتهرة ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية