الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " والذين صبروا " أي : على ما أمروا به " ابتغاء وجه ربهم " أي : طلبا لرضاه " وأقاموا الصلاة " أتموها " وأنفقوا مما رزقناهم " من الأموال في طاعة الله . قال ابن عباس : يريد بالصلاة : الصلوات الخمس ، وبالإنفاق : الزكاة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ويدرءون " أي : يدفعون " بالحسنة السيئة " . وفي المراد بهما خمسة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل ، قاله ابن عباس . والثاني : يدفعون بالمعروف المنكر ، قاله سعيد بن جبير . والثالث : بالعفو الظلم ، قاله [ ص: 325 ] جويبر . والرابع : بالحلم السفه ، كأنهم إذا سفه عليهم حلموا ، قاله ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس : بالتوبة الذنب ، قاله ابن كيسان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " أولئك لهم عقبى الدار " قال ابن عباس : يريد : عقباهم الجنة ، أي : تصير الجنة آخر أمرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ومن صلح " وقرأ ابن أبي عبلة : " صلح " بضم اللام . ومعنى " صلح " : آمن ، وذلك أن الله تعالى ألحق المؤمن أهله المؤمنين إكراما له ، لتقر عينه بهم . " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب " قال ابن عباس : بالتحية من الله والتحفة والهدايا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " سلام عليكم " قال الزجاج : أضمر القول هاهنا ، لأن في الكلام دليلا عليه . وفي هذا السلام قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أنه التحية المعروفة ، يدخل الملك فيسلم وينصرف ، قال ابن الأنباري : وفي قول المسلم : سلام عليكم ، قولان : أحدهما : أن السلام : الله عز وجل ، والمعنى : الله عليكم ، أي : على حفظكم . والثاني : أن المعنى : السلامة عليكم ، فالسلام جمع سلامة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن معناه : إنما سلمكم الله تعالى من أهوال القيامة وشرها بصبركم في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وفيما صبروا عليه خمسة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنه أمر الله ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : فضول الدنيا ، قاله الحسن . والثالث : الدين . والرابع : الفقر ، رويا عن أبي عمران الجوني . والخامس : أنه فقد المحبوب ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية