الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1735 ) فصل : فإن كانت سائمة الرجل في بلدان شتى ، وبينهما مسافة لا تقصر فيها الصلاة ، أو كانت مجتمعة ، ضم بعضها إلى بعض ، وكانت زكاتها كزكاة المختلطة ، بغير خلاف نعلمه . وإن كان بين البلدان مسافة القصر ، فعن أحمد فيه روايتان ; إحداهما ، أن لكل مال حكم نفسه ، يعتبر على حدته ، إن كان نصابا ففيه الزكاة ، وإلا فلا ، ولا يضم إلى المال الذي في البلد الآخر . نص عليه .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير أحمد واحتج بظاهر قوله عليه السلام { : لا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع ، خشية الصدقة . } وهذا مفرق فلا يجمع ، ولأنه لما أثر اجتماع مالين لرجلين ، في كونهما كالمال الواحد ، يجب أن يؤثر افتراق مال الرجل الواحد ، حتى يجعله كالمالين .

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، قال في من له مائة شاة في بلدان متفرقة : لا يأخذ المصدق منها شيئا ; لأنه لا يجمع بين متفرق ، وصاحبها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرج هو بنفسه ، يضعها في الفقراء . روي هذا عن الميموني وحنبل وهذا يدل على أن زكاتها تجب مع اختلاف البلدان ، إلا أن الساعي لا يأخذها ; لكونه لا يجد نصابا [ ص: 254 ] كاملا مجتمعا ، ولا يعلم حقيقة الحال فيها ، فأما المالك العالم بملكه نصابا كاملا ، فعليه أداء الزكاة وهذا اختيار أبي الخطاب ومذهب سائر الفقهاء .

                                                                                                                                            قال مالك أحسن ما سمعت في من كان له غنم على راعيين متفرقين ببلدان شتى ، أن ذلك يجمع على صاحبه ، فيؤدي صدقته . وهذا هو الصحيح ، إن شاء الله تعالى ; لقوله عليه السلام : " في أربعين شاة شاة " . ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان في بلدان متقاربة ، أو غير السائمة . ونحمل كلام أحمد ، في الرواية الأولى ، على أن المصدق لا يأخذها ، وأما رب المال فيخرج . فعلى هذا يخرج الفرض في أحد البلدين شاء ، لأنه موضع حاجة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية