الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2065 باب في لحم الصيد "للمحرم"، يصيده الحلال

                                                                                                                              وهو في النووي في: (باب تحريم "الصيد"، المأكول، البري.. إلخ) حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 109 - 110 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن أبي قتادة، ، عن أبيه (رضي الله عنه) ؛ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا. وخرجنا معه. قال: فصرف من أصحابه، فيهم أبو قتادة. فقال: "خذوا ساحل البحر حتى تلقوني". قال: فأخذوا ساحل البحر. فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحرموا كلهم. إلا أبا قتادة، فإنه لم يحرم. فبينما هم يسيرون، إذ رأوا حمر وحش. فحمل عليها أبو قتادة. فعقر منها أتانا. فنزلوا فأكلوا من لحمها. [ ص: 344 ] قال: فقالوا: أكلنا لحما، ونحن محرمون. قال: فحملوا ما بقي من لحم الأتان. فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله! إنا كنا أحرمنا. وكان أبو قتادة لم يحرم. فرأينا حمر وحش. فحمل عليها أبو قتادة. فعقر منها أتانا. فنزلنا فأكلنا من لحمها. فقلنا: نأكل لحم صيد ونحن محرمون! فحملنا ما بقي من لحمها. فقال: "هل منكم أحد أمره، أو أشار إليه بشيء؟". قال: قالوا: لا. قال: "فكلوا ما بقي من لحمها" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي قتادة "رضي الله عنه"، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حاجا. وخرجنا معه. قال: فصرف من أصحابه، فيهم أبو قتادة . فقال: "خذوا ساحل البحر، حتى تلقوني" قال: فأخذوا ساحل البحر. فلما انصرفوا قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة ، فإنه لم يحرم) .

                                                                                                                              قال القاضي (في جواب أنه لم يحرم، وقد تقرر: أن من أراد الحج والعمرة، لا يجوز له مجاوزة الميقات بغير الإحرام): قيل: إن المواقيت، لم تكن وقتت بعد.

                                                                                                                              [ ص: 345 ] وقيل: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -، بعث ( أبا قتادة ) ورفقته: لكشف عدو لهم، بجهة الساحل. كما ذكره مسلم في الرواية الأخرى.

                                                                                                                              وقيل: إنه: لم يكن خرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم - من المدينة ، بل بعثه أهل المدينة بعد ذلك، إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -، ليعلمه: أن بعض العرب، يقصدون الإغارة على المدينة .

                                                                                                                              وقيل: إنه خرج معهم، ولكنه لم ينو حجا ولا عمرة. قال عياض : وهذا بعيد. والله أعلم.

                                                                                                                              (فبينما هم يسيرون، إذ رأوا حمر وحش. فحمل عليها أبو قتادة ، فعقر منها أتانا. فنزلوا فأكلوا من لحمها. قال: أكلنا لحما، ونحن محرمون! قال: فحملوا ما بقي من لحم الأتان. فلما أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، قالوا: يا رسول الله! إنا كنا أحرمنا. وكان أبو قتادة لم يحرم. فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة . فعقر منها أتانا. فنزلنا فأكلنا من لحمها. فقلنا: نأكل لحم صيد ونحن محرمون! فحملنا ما بقي من لحمها. فقال: "هل منكم أحد أمره، أو أشار إليه بشيء؟" قال: قالوا: لا. قال: "فكلوا ما بقي من لحمها".)

                                                                                                                              فيه: دلالة ظاهرة على: تحريم الأمر، أو الإشارة والإعانة، (من المحرم): في قتل الصيد. وكذلك الدلالة عليه. وكل سبب.

                                                                                                                              وفيه: دليل للجمهور على أبي حنيفة (رحمه الله) ، في قوله: لا تحل الإعانة من المحرم، إلا إذا لم يمكن اصطياده بدونها.

                                                                                                                              [ ص: 346 ] وقوله: (فكلوا ما بقي) : صريح في أن الحلال إذا صاد صيدا، "ولم يكن من المحرم إعانة، ولا إشارة، ولا دلالة عليه": حل للمحرم أكله. وهذا مذهب الشافعي والأكثرين.

                                                                                                                              وهذا الحديث، له طرق وألفاظ عند مسلم . وفي بعضها: (فسألوه عن ذلك فقال: "إنما هي طعمة، أطعمكموها الله عز وجل") .

                                                                                                                              وفي بعضها: قال: "هل معكم من لحمه شيء؟" .

                                                                                                                              وفي رواية: (هل معكم منه شيء؟ قالوا: معنا رجله. قال: فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فأكلها) .

                                                                                                                              قال النووي : إنما أخذها وأكلها، تطييبا لقلوبهم في إباحته. ومبالغة في إزالة الشك والشبه عندهم، بحصول الاختلاف بينهم فيه قبل ذلك. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وهذا التأويل، يمشي بعينه في اعتمار عائشة من التنعيم . لأن ظاهر ذلك الحديث، هو تطييب قلبها (رضي الله عنها). وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، يفعل مثل ذلك (أحيانا) تأليفا وترغيبا لهم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية