الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 141 ] سورة غافر

                                                                                                                                                                                                                                        مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر، وقال ابن عباس وقتادة إلا آيتين منها نزلتا بالمدينة وهما إن الذين يجادلون في آيات الله [غافر: 56] والتي بعدها. بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: حم فيه خمسة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه اسم من أسماء الله أقسم به ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنها حروف مقطعة من اسم الله الذي هو الرحمن ، قاله سعيد بن جبير وقال: الر وحم ون هو الرحمن.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: هو محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله جعفر بن محمد.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: فواتح السور ، قاله مجاهد قال شريح بن أوفى العبسي:


                                                                                                                                                                                                                                        يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل سادسا: أن يكون معناه حم أمر الله أي قرب ، قال الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        قد حم يومي فسر قوم     قوم بهم غفلة ونوم

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 142 ] ومنه سميت الحمى لأنها تقرب منه المنية. فعلى هذا يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه يريد به قرب قيام الساعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت في آخرها ألفا

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه يريد به قرب نصره لأوليائه وانتقامه من أعدائه يوم بدر.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: غافر الذنب فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه غافره لمن استغفره ، قاله النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ساتره على من يشاء ، قاله سهل بن عبد الله. وقابل التوب يجوز أن يكون جمع توبة ، ويجوز أن يكون مصدرا من تاب يتوب توبا ، وقبوله للتوبة إسقاط الذنب بها مع إيجاب الثواب عليها.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ذي الطول فيه ستة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: ذي النعم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ذي القدرة ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: ذي الغنى والسعة ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: ذي الخير ، قاله زيد بن الأصم.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: ذي المن ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس: ذي التفضيل ، قاله محمد بن كعب. والفرق بين المن والفضل أن المن عفو عن ذنب ، والفضل إحسان غير مستحق والطول مأخوذ من الطول كأنه إنعامه على غيره وقيل لأنه طالت مدة إنعامه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية