الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 22 ] فصل في موانع صحة البيع ( ولا يصح بيع ) ولو قل المبيع ممن تلزمه جمعة ( ولا ) يصح ( شراء ممن تلزمه جمعة ) ولو بغيره ( بعد ندائها ) أي أذان الجمعة أي الشروع فيه ، ولو لأحد جامعين بالبلد قبل أن يؤذن في الآخر ، صححه في الفصول ( الذي عند المنبر ) عقب جلوس الإمام عليه ، لقوله تعالى " { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } والنهي يقتضي الفساد ، وخص بالنداء الثاني ; لأنه المعهود في زمنه صلى الله عليه وسلم فتعلق الحكم به والشراء أحد شقي العقد ، فكان كالشق الآخر . قال ( المنقح : أو قبله ) أي النداء الثاني ( لمن منزله بعيد ، بحيث إنه يدركها : انتهى ) .

                                                                          قال في المستوعب : ولا يصح البيع في وقت لزوم السعي إلى الجمعة انتهى ، ويستمر التحريم إلى انقضاء الصلاة ( إلا من حاجة كمضطر إلى طعام أو شراب يباع ) فله شراؤه لحاجته .

                                                                          ( و ) ك ( عريان وجد سترة ) فله شراؤها ( وكفن وكمؤنة تجهيز لميت خيف فساده بتأخر ) تجهيزه حتى تصلي ( و ) ك ( وجود أبيه أو نحوه ) كأمه وأخيه ( يباع مع من لو تركه ) حتى يصلي ( لذهب ) به .

                                                                          ( و ) كشراء ( مركوب لعاجز ) عن مشي إلى الجمعة ( أو ) شراء ( ضرير عدم قائدا ) من يقوده إلى الجمعة ( ونحوه ) كشراء ماء طهارة ، عدم غيره ، فيصح للحاجة .

                                                                          ( وكذا ) أي لا يصح بيع ولا شراء من مكلف ( لو تضايق وقت مكتوبة ) ولو جمعة لم يؤذن لها حتى يصليها ، لوجود المعنى الذي لأجله منع البيع والشراء بعد نداء الجمعة ، وعلم مما سبق : صحة العقد ممن لا تلزمه ، كالعبد والمرأة والمسافر وإباحته له ، لكن إن كان أحدهما تلزمه ، ووجد منه الإيجاب أو القبول بعد النداء حرم ولم ينعقد لما تقدم .

                                                                          قال الموفق والشارح : وكره للآخر ( ويصح إمضاء بيع خيار وبقية العقود ) من إجارة وصلح ، وقرض ، ورهن ، وغيرها بعد نداء الجمعة ; لأن النهي عن البيع وغيره لا يساويه في التشاغل المؤدي لفواتها ( وتحرم مساومة ومناداة ) بعد نداء جمعة ثان ; لأنهما وسيلة للبيع المحرم إذن ، وتحرم أيضا الصناعات كلها .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية