الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين

                                                                                                                                                                                                لنبي لهم : هو يوشع، أو شمعون، أو شمويل، ابعث لنا ملكا : أنهض للقتال معنا أميرا نصدر في تدبير الحرب عن رأيه وننتهي إلى أمره، طلبوا من نبيهم نحو ما كان يفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التأمير على الجيوش التي كان يجهزها، ومن أمرهم بطاعته وامتثال أوامره، وروي أنه أمر الناس إذا سافروا أن يجعلوا أحدهم أميرا عليهم.

                                                                                                                                                                                                "نقاتل": قرئ بالنون والجزم على الجواب، وبالنون والرفع على أنه حال، أي: ابعثه لنا مقدرين القتال، أو استئناف كأنه قال لهم: ما تصنعون بالملك؟ فقالوا: نقاتل، وقرئ: "يقاتل" بالياء والجزم على الجواب، وبالرفع على أنه صفة لـ "ملكا" وخبر "عسيتم" ألا تقاتلوا : والشرط فاصل بينهما، والمعنى: هل قاربتم أن لا تقاتلوا؟ يعني: هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون؟ أراد أن يقول: عسيتم أن لا تقاتلوا، بمعنى: أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل هل مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقرير، وتثبيت أن المتوقع كائن، وأنه صائب في توقعه، كقوله تعالى: هل أتى على الإنسان [الإنسان: 1] معناه: التقرير، وقرئ (عسيتم) بكسر السين وهي ضعيفة.

                                                                                                                                                                                                وما لنا ألا نقاتل : وأي داع لنا إلى ترك القتال، وأي غرض لنا فيه، وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا : وذلك أن قوم جالوت كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين، فأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين، إلا قليلا منهم قيل: كان القليل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر على عدد أهل بدر والله عليم بالظالمين : وعيد لهم على ظلمهم في القعود عن القتال وترك الجهاد.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية