الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الأدب الخامس : في الجواهر : لا يقضي في حالة غضب ولا جوع ، ولا حالة يسرع إليه الغضب فيها ، أو يدهش عن تمام الفكر . وفي الكتاب : لا يكثر الجلوس جدا ، وإذا داخله هم أو نعاس أو ضجر فليقم ، قال اللخمي : ومن ذلك الشبع الكثير ، وأصل ذلك : قوله _ صلى الله عليه وسلم _ : ( لا يقضي القاضي وهو غضبان ) أخرجه البخاري . واختلف إذا ضجر ، قال ابن عبد الحكم : يحدث جلساءه [ ص: 65 ] ليروح قلبه ، ثم يعود إلى الحكم ، وقال ابن حبيب : يقوم قال : والأول أحسن ، ولا يحكم متكئا ، لأنه استخفاف بالحاضرين ، وللعلم حرمته .

                                                                                                                تمهـيد : قال اللخمي وغيره من العلماء : له أن يحكم في هذه الأحوال في مسألة نص ، وما خف من مسائل الاجتهاد ، دون ما يحتاج إلى فكر ، وعلى هذا تختلف أحوال الحكام في المجتهد في العلم والقضاء تصير له أمور ضرورية هي عند غيره تحتاج فكرا كثيرا ، فيبيح الأول دون الثاني ، وكذلك المسألة العظيمة النظر إذا كان قد تقدم له الحكم فيها عن قرب بفكر مستوعب لا يحتاج فيها حينئذ إلى فكر .

                                                                                                                قاعدة : وهي الفرق بين تخريج المناط ، وتحقيق المناط ، وتنقيح المناط ، والمناط : العلة ، فإن استخرجت من أوصاف مذكورة في صورة النص ، كما في حديث الأعرابي في تصريحه مع جملة الأوصاف بإفساد رمضان ، فهو تنقيح المناط ، أو من أوصاف لم تذكر كما في حديث بيع التفاضل في البر ، فهو تخريج المناط ، أو اتفق عليها وحصل التنازع في وجودها في الفرق فهو تحقيق المناط . كالتنازع في كون التين مقتاتا ، مع الاتفاق على أن الاقتيات العلة ، وقال الغزالي : تنقيح المناط : قياس عدم الفارق ، فعلى هذا يمنع القاضي في الغضب وغيره مما لم ينص عليه كالشبع والجوع ، هو من باب تخريج المناط ، لأنا لم يغن وصفا مذكورة ، بل أخرجنا من المذكورة وصفا آخر ، وهو تشويش فكر ، وكذلك حديث الأعرابي على مذهبنا ، لأنا أخذنا إفساد الصوم ، وإنما في الحديث [ ص: 66 ] واقعت أهلي في شهر رمضان ، وعلى رأي ( ش ) يكون من تنقيح المناط ، ووافقنا الأئمة على اعتبار المشوش للفكر حيث وقع بغضب أو غيره .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية