الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا فيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: بإفلاج حجتهم ، قاله أبو العالية.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بالانتقام من أعدائهم قال السدي : ما قتل قوم قط نبيا أو قوما من دعاة الحق من المؤمنين إلا بعث الله من ينتقم لهم فصاروا منصورين فيها وإن قتلوا. ويوم يقوم الأشهاد بمعنى يوم القيامة. وفي نصرهم قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: بإعلاء كلمتهم وإجزال ثوابهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إنه بالانتقام من أعدائهم. وفي الأشهاد ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنهم الملائكة شهدوا للأنبياء بالإبلاغ، وعلى الأمم بالتكذيب، قاله مجاهد والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم الملائكة والأنبياء، قاله قتادة . [ ص: 161 ] الثالث: أنهم أربعة: الملائكة والنبيون والمؤمنون والأجساد ، قاله زيد بن أسلم ثم في الأشهاد أيضا وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: جمع شهيد مثل شريف ، وأشراف.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فاصبر إن وعد الله حق فيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: هو ما وعد الله رسوله في آيتين من القرآن أن يعذب كفار مكة ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: هو ما وعد الله رسوله أن يعطيه المؤمنين في الآخرة ، قاله يحيى بن سلام . واستغفر لذنبك أي من ذنب إن كان منك. قال الفضيل: تفسير الاستغفار أقلني. وسبح بحمد ربك قال مجاهد : وصل بأمر ربك. بالعشي والإبكار فيه ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنها صلاة العصر والغداة ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن العشي ميل الشمس إلى أن تغيب ، والإبكار أول الفجر ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هي صلاة مكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم أي بغير حجة جاءتهم. إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن الكبر العظمة التي في كفار قريش، ما هم ببالغيها، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما يستكبر من الاعتقاد وفيه قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: هو ما أمله كفار قريش في النبي صلى الله عليه وسلم وفي أصحابه أن يهلك ويهلكوا ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: هو أن اليهود قالوا إن الدجال منا وعظموا أمره ، واعتقدوا أنهم يملكون، وينتقمون، قاله أبو العالية. [ ص: 162 ] فاستعذ بالله من كبرهم. إنه هو السميع لما يقولونه البصير بما يضمرونه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية