الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 167 ] سورة فصلت

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: حم قد مضى تأويله. تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه على التقديم والتأخير فيكون تقديره حم تنزيل الكتاب من الرحمن الرحيم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن يكون فيه مضمر محذوف تقديره تنزيل القرآن من الرحمن الرحيم. ثم وصفه فقال كتاب فصلت آياته وفي تفصيل آياته خمسة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: فسرت ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فصلت بالوعد والوعيد ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: فصلت بالثواب والعقاب ، قاله سفيان.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: فصلت ببيان حلاله من حرامه وطاعته من معصيته، قاله قتادة . [ ص: 168 ] الخامس: فصلت من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، فحكم فيما بينه وبين من خالفه ، قال عبد الرحمن بن زيد . قرآنا عربيا لقوم يعلمون فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن القرآن من عند الله نزل ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: يعلمون العربية فيعجزون عن مثله.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أغطية ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: كالجعبة للنبل ، قاله مجاهد . وفي آذاننا وقر أي صمم وهما في اللغة يفترقان فالوقر ثقل السمع والصمم ذهاب جميعه. ومن بيننا وبينك حجاب فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يعني سترا مانعا عن الإجابة ، قاله ابن زياد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فرقة في الأديان ، قاله الفراء.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه تمثيل بالحجاب ليؤيسوه من الإجابة ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أن أبا جهل استغشى على رأسه ثوبا وقال: يا محمد بيننا وبينك حجاب ، استهزاء منه ، حكاه النقاش . فاعمل إننا عاملون فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: فاعمل بما تعلم من دينك فإنا نعمل بما نعلم من ديننا ، قاله الفراء.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: فاعمل في هلاكنا فإنا نعمل في هلاكك ، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: فاعمل لإلهك الذي أرسلك فإنا نعمل لآلهتنا التي نعبدها ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل رابعا: فاعمل لآخرتك فإنا نعمل لدنيانا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية