الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 7 ] ( 26 ) باب أمر الصيد في الحرم

                                                                                                                        758 - قال مالك : كل شيء صيد في الحرم ، أو أرسل عليه كلب في الحرم ، فقتل ذلك الصيد في الحل . فإنه لا يحل أكله ، وعلى من فعل ذلك ، جزاء الصيد . في الحل . فأما الذي يرسل كلبه على الصيد في الحل . فيطلبه حتى يصيده في الحرم . فإنه لا يؤكل ، وليس عليه في ذلك جزاء . إلا أن يكون أرسله عليه ، وهو قريب من الحرم . فإن أرسله قريبا من الحرم ، فعليه جزاؤه .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        16554 - قال أبو عمر : اختلف الفقهاء في الذي يرسل كلبه في الحل فيقتل الصيد في الحرم .

                                                                                                                        16555 - فقال مالك : عليه جزاؤه ، وكذلك لو رمى سهما في الحل فقتل في الحرم .

                                                                                                                        16556 - وهو قول الأوزاعي ، والليث .

                                                                                                                        [ ص: 8 ] 16557 - وقال أبو حنيفة : لو رمى من الحل فوقعت الرمية في الحرم فقتل صيدا ، فعليه الجزاء ، وإن أرسل كلبا في الحل ، فقتل في الحرم فلا جزاء عليه .

                                                                                                                        58 ؟ 16 - وقال الثوري في شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحل سقط عليها طائر ؟ قال : ما كان في الحل يلزم وما كان في الحرم فلا يلزمه .

                                                                                                                        16559 - وقال الوليد بن مزيد : سئل الأوزاعي عن رجل أرسل كلبه في الحل على صيد ، فأدخله الحرم ، ثم أخرجه من الحرم فقتله ؟ فقال : لا أدري ما أقول فيها فقال له السائل : لو رددتني شهرا فيها لم أسل عنها أحدا غيرك . فقال الأوزاعي لا يؤكل الصيد وليس على صاحبه جزاء .

                                                                                                                        قال الوليد : فحججت في العام المقبل ، فلقيت ابن جريج ، فسألته عنها ؟ فحدثني عن عطاء ، عن ابن عباس بمثل ما قال الأوزاعي .

                                                                                                                        16560 - قال أبو عمر : لا خلاف بين العلماء من السلف والخلف في تحريم الصيد بمكة من سائر الحرم وأنه حرم آمن كما قال الله ، عز وجل : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا [ سورة العنكبوت : 67 ] . وقال إبراهيم ( عليه السلام ) : رب اجعل هذا البلد آمنا [ سورة إبراهيم : 35 ] ، وقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الله - عز وجل - حرم مكة ولم يحرمها الناس " .

                                                                                                                        [ ص: 9 ] وقال ( عليه السلام ) : إن إبراهيم حرم مكة وهذا معناه أنه دعى .

                                                                                                                        [ ص: 10 ] في تحريمها فكان سبب ذلك ، فأضيف إليه على ما تعرفه العرب من كلامها .

                                                                                                                        16562 - وقد روى أبو هريرة بالنقل الصحيح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : أن الله تعالي حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض .

                                                                                                                        16563 - وقد أوضحنا معاني ذلك كله في كتاب الجامع .

                                                                                                                        16068 - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها " .

                                                                                                                        16565 - وقد رأى جماعة من العلماء أن الجاني إذا عاذ بالحرم لم يقم عليه حده فيه حتى يخرج منه . ولهذه المسألة باب غير هذا .

                                                                                                                        16566 - وقالوا : لم يكن الجزاء في غير هذه الأمة إلا على محرم ، فلا على قاتل صيد في الحرم وهو حلال . وإنما كان الجزاء على هذه الآية لقوله ، عز وجل : ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا الآية [ 59 من سورة المائدة ] . 16567 - واتفق فقهاء الأمصار ، ومالك ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والشافعي : أن على من قتل صيدا وهو حلال في الحرم الجزاء كما لو قتله محرم .

                                                                                                                        [ ص: 11 ] 16568 - وبه قال جماعة أصحاب الحديث .

                                                                                                                        16569 - وشذت فرقة منهم داود بن علي ، فقالوا : لا جزاء على من قتل في الحرم شيئا من الصيد إلا أن يكون محرما .

                                                                                                                        16570 - ولا يختلفون في تحريم الصيد في الجزاء ، وإنما اختلفوا في وجوب الجزاء فيه .

                                                                                                                        16571 - وقد روي عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن [ ص: 12 ] عباس ، وابن عمر : في حمام الحرام شاة في كل واحدة منها . ولم يخصوا محرما من حلال ، ولا مخالف لهم من الصحابة .

                                                                                                                        16572 - وقد يوجد لداود سلف من التابعين .

                                                                                                                        16573 - ذكر عبد الرزاق عن عمر ، عن صدقة بن يسار ، قال : سألت سعيد بن جبير عن حجلة ذبحتها وأنا بمكة فلم ير علي شيئا .

                                                                                                                        16574 - وكان أبو حنيفة يقول للحلال يقتل الصيد في الحرم أنه لا يجزئه إلا الهدي والإطعام ، ولا يجزئه الصوم . كأنه جعله ثمنا .

                                                                                                                        16575 - وعند مالك ، والشافعي : يجزئه الصوم كسائر من وجب عليه جزاء الصيد من المحرمين .

                                                                                                                        16576 - وقال أبو حنيفة في المحرم إذا أدخل مع الضحية شيئا من صيد الحل إلى الحرم فلا يجوز له ذبحه ، ولا حبسه ، وعليه أن يرسله .

                                                                                                                        16577 - وقال مالك والشافعي : جائز له بيعه وهبته في الحرم .




                                                                                                                        الخدمات العلمية