الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الأمر الثامن : قال أبو عبيد في كتاب " فضائل القرآن " : إن القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ; وذلك كقراءة عائشة وحفصة : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر ) ( البقرة : 238 ) .

وكقراءة ابن مسعود ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما ) ( المائدة : 38 ) .

ومثل قراءة أبي : ( للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن ) ( البقرة : 226 ) .

وكقراءة سعد بن أبي وقاص : ( وإن كان له أخ أو أخت من أمه فلكل ) ( النساء : 12 ) .

وكما قرأ ابن عباس : ( لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) ( البقرة : 198 ) .

قلت : وكذا قراءته ( وأيقن أنه الفراق ) ( القيامة : 28 ) ، وقال : ذهب الظن ، قال أبو الفتح : " يريد أنه ذهب اللفظ الذي يصلح للشك ; وجاء اللفظ الذي هو مصرح باليقين " . انتهى .

وكقراءة جابر : ( فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم ) ( النور : 33 ) .

[ ص: 487 ] فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن ، وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك ، فكيف إذا روي عن كبار الصحابة ، ثم صار في نفس القراءة ؟ فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى ، فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل ، على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله ، إنما يعرف ذلك العلماء ، ولذلك يعتبر بهما وجه القرآن ; كقراءة من قرأ : ( يقص الحق ) ( الأنعام : 57 ) ، فلما وجدتها في قراءة عبد الله : ( يقضي الحق ) علمت أنها إنما هي : يقضي فقرأتها على ما في المصحف ، واعتبرت صحتها بتلك القراءة ، وكذلك قراءة من قرأ : ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) ( النمل : 82 ) ثم لما وجدتها في قراءة أبي " تنبئهم " علمت أن وجه القراءة ( تكلمهم ) في أشباه من هذا كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية