الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1382 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن قال : لفلان عندي مائة دينار دين ولي عنده مائة قفيز قمح ، أو قال : إلا مائة قفيز تمر ، أو نحو ذلك ، أو إلا جارية - ولا بينة عليه بشيء ولا له - قوم القمح الذي ادعاه ، فإن ساوى المائة الدينار التي أقر بها ، أو ساوى أكثر : فلا شيء عليه - وإن ساوى أقل : قضي بالفضل فقط للذي أقر له .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أنه لم يقر له قط إقرارا تاما ، بل وصله بما أبطل به أول كلامه ، فلم يثبت له قط على نفسه شيئا . [ ص: 109 ] ولو جاز أن يؤخذ ببعض كلامه دون بعض لوجب أن يقتل من قال : لا إله إلا الله ; لأن نصف كلامه إذا انفرد - : كفر صحيح - وهو قوله " لا إله " فيقال له : كفرت ، ثم ندمت - وهو قول فاسد جدا

                                                                                                                                                                                          ولوجب أيضا أن يبطل الاستثناء كله بمثل هذا ; لأنه إبطال لما أثبته بأول كلامه قبل أن يستثني ما استثنى .

                                                                                                                                                                                          وقد قال قوم : إنما يجوز الاستثناء من نوع ما قبله لا من نوع غيره

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا باطل لأن الله تعالى يقول : { إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم } .

                                                                                                                                                                                          وقال تعالى : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس } فاستثنى إبليس من الملائكة وليس منهم ، بل من الجن الذين ينسلون ، والملائكة لا تنسل ، واستثنى تعالى : { من ظلم } من المرسلين ، وليسوا من أهل صفتهم ، وقال الشاعر :

                                                                                                                                                                                          وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس

                                                                                                                                                                                          وليس " اليعافير " و " العيس " من " الأنيس " وقد استثناهم الشاعر العربي الفصيح .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية