الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تفسير سورة الزخرف

                                                                                                                                                                                                                                        مكية

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 1603 ] هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                        إنا جعلناه قرآنا عربيا هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات وأوضحها وأبينها، وهذا من بيانه. وذكر الحكمة في ذلك فقال: لعلكم تعقلون ألفاظه ومعانيه لتيسرها وقربها من الأذهان.

                                                                                                                                                                                                                                        وإنه أي: هذا الكتاب لدينا في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها لعلي حكيم أي: لعلي في قدره وشرفه ومحله، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا لا يرسل إليهم رسولا ولا ينزل عليهم كتابا، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال:

                                                                                                                                                                                                                                        أفنضرب عنكم الذكر صفحا أي: أفنعرض عنكم، ونترك إنزال الذكر إليكم، ونضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، وعدم انقيادكم له؟ بل ننزل عليكم الكتاب، ونوضح لكم فيه كل شيء، فإن آمنتم به واهتديتم، فهو من توفيقكم، وإلا قامت عليكم الحجة، وكنتم على بينة من أمركم.



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية