الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه

                                                                                                                                            1806 - ( عن ابن عباس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : من شبرمة ؟ قال : أخ لي أو قريب لي ، قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة } رواه أبو داود وابن ماجه . وقال : " فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة " والدارقطني .

                                                                                                                                            وفيه قال : " هذه عنك وحج عن شبرمة " ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا ابن حبان وصححه البيهقي وقال : إسناده صحيح ، وليس في هذا الباب أصح منه ، وقد روي موقوفا والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من طريق ثقة ، وهي ههنا كذلك ; لأن الذي رفعه عبدة بن سليمان ، قال الحافظ : وهو ثقة محتج به في الصحيحين ، وقد تابعه على رفعه محمد بن بشر ومحمد بن عبيد الله الأنصاري ، وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه ، ورجح الطحاوي أنه موقوف وقال : أحمد رفعه خطأ . وقال ابن المنذر : لا يثبت رفعه ، وقد أطال الكلام صاحب التلخيص ومال إلى صحته قوله : ( سمع رجلا ) زعم ابن باطيش أن اسم الملبي نبيشة ، قال الحافظ : وهو وهم منه فإنه اسم الملبى عنه فيما زعم الحسن بن عمارة ، وخالفه الناس فيه فقالوا : إنه [ ص: 347 ] شبرمة ، وقد قيل : إن الحسن بن عمارة رجع عن ذلك ، وقد بينه الدارقطني في السنن ، وظاهر الحديث أنه لا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره ، وسواء كان مستطيعا أو غير مستطيع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل هذا الرجل الذي سمعه يلبي عن شبرمة وهو ينزل منزلة العموم ، وإلى ذلك ذهب الشافعي والناصري . وقال الثوري والهادي والقاسم : إنه يجزئ حج من لم يحج عن نفسه ما لم يضيق عليه . واستدل لهم في البحر بقوله صلى الله عليه وسلم : " هذه عن نبيشة وحج عن نفسك " فكأنهم جمعوا بين هذا وبين حديث الباب بحمل حديث الباب على من كان مستطيعا ، ولكن الحديث الذي استدل لهم به صاحب البحر لا أدري من رواه ولم أقف عليه في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، فينبغي الاعتماد على حديث الباب ، ومن زعم أن في السنة ما يعارضه فليطلب منه التصحيح لمدعاه . وقد روى الدارقطني حديث نبيشة موافقا لحديث شبرمة لا مخالفا له كما زعم صاحب البحر ، وتقدم قول من قال : إن اسم شبرمة نبيشة .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية